الصحة النفسية

الصحة النفسية

من الكتاب 

www.4shared.com/office/6h1VYcWg/__online.html رابط التحميل

الفصل الثامن

الصحة النفسية والتربية الجنسية

1- مقدمة

ليس الجنس مجرد إشباع للغريزة الفيزيولوجية عند الإنسان، وكون الإنسان ذكراً يعني أكثر من مجرد قيامه بدور ذكوري في العملية الجنسية، مع أن العملية الجنسية جزء لا يتجزأ من هذا الدور، وكذلك كون الإنسان أنثى، يعني أكثر بكثير من قيامها بدور أنثوي وإنجاب الأطفال، وكون الإنسان قادراً جنسياً يعني إشراكه في كافة نواحي الحياة الاجتماعية التي تعكس وجوده الجنسي.

وغريزة الجنس في الدين الإسلامي ليست مجرد وسيلة للتناسل، بل هي وظيفة مشروعة للحياة الزوجية الطبيعية، كما يقر الشرع بحق المرأة المتزوجة في الحياة الجنسية، بل أن الشريعة الإسلامية تعطي المرأة الحق في الطلاق إذا ما حرمت من الحياة الجنسية الطبيعية. ويتضمن القرآن الكريم آيات متعددة تشير إلى أهمية التربية الجنسية، كما أن السيرة النبوية الشريفة مليئة بالمواقف التي تشير إلى أهمية التربية الجنسية كجزء أساسي من الحياة الإنسانية، وإكمالاً للدين.

وكثير من التشويش الحالي يرجع من ناحية إلى عادات وتقاليد خاطئة موروثة و من ناحية أخرى إلى  سوء تفسير التعاليم الدينية العديدة التي تحتاج إلى بحوث مكثفة بغية التوصل لفهم دقيق لها، يتيح للمربين وضع نظام من التقويم يستطيع من خلاله المربون الاسترشاد عند تخطيط برامج التربية الجنسية. 

ويفترض تحقيق الصحة النفسية والتكيف وإدارة حياة سوية إشباع حاجات الإنسان الفيزيولوجية والنفسية، إشباعاً سوياً في إطار العوامل الاجتماعية والبيئية السائدة. ويرتبط هذا الإشباع مع شعور الإنسان بالراحة والعافية والسعادة. وتعد الحياة الجنسية الخالية من الأضرار والمشكلات عنصراً مهماً لصحة الإنسان النفسية والجسدية، ويمكن لهذه المشكلات أن تحول حياة الفرد إلى جحيم لا يطاق، والحياة الاجتماعية إلى حياة مشحونة بالتوتر والصراعات والعدوانية.

ومن هنا فإن التربية الجنسية السليمة منذ الطفولة تشكل عاملاً مهماً ومؤثراً من أجل بناء تصورات واقعية حول الجنس، وتشكل طريقاً سليماً من أجل الوقاية النفسية والجسدية والاجتماعية لمراهقي المستقبل، وتعد في الوقت نفسه دعماً أساسياً في تحقيق علاقات جنسية ونفسية سليمة بين الأفراد.

وللأسف ما زالت كثير من مناهجنا التعليمية قاصرة عن موضوع التربية الجنسية للناشئة لأسباب عديدة، تاركة إياهم في كثير من الأحيان نهباً للتصورات والمعلومات الخاطئة التي تلحق الأذى بهم وبصحتهم النفسية.

وعلى الرغم من توفر كثير من المعارف العلمية ونتائج دراسات عديدة إلا أنه يلاحظ وجود نقص كبير في المعارف المتعلقة بالجنس، وهذا ينطبق حتى على الأطباء الذين يمارسون المهنة.  هذا بالإضافة إلى أنه يغلب الخجل من الحديث حول موضوع الجنسانية، سواء كان الأمر أمام الطلاب أم أمام الأشخاص طالبي الاستشارة، وعندما يستشير شخص ما الأطباء بمشكلة جنسية فإنهم غالباً ما يلجئون إلى خبراتهم الخاصة المحدودة بالضرورة.

يهدف هذا الفصل إلى تقديم إطار علمي يساعد الطالب الدارس الإحاطة بمفهوم سوي حول الجنسية، عارضاً بعض الأسس الفيزيولوجية و علم نفس الغدد الصم Psycho-endocrinology ، ويقدم لمحة حول السلوك الجنسي السوي ومعلومات حول الاضطرابات الجنسية. أما الإرشاد الجنسي فسوف يتم التعرض له بشكل مختصر.

 

2- تحديد المفهوم

يبدو للوهلة الأولى أن تحديد مفهوم الجنسانية Sexuality سهل جداً، إلا أن التأمل الدقيق لهذا المفهوم يجعلنا نستنتج أنه لا يوجد حتى الآن تحديد كاف وشامل لهذا المفهوم. إلا أنه من المتفق عليه أن الجنسانية أكثر من مجرد ذلك السلوك المرتبط بالأعضاء الجنسية. فالرغبة في خبرة الحب والحنان والمودة والشعور بهما، أو خبرة المتعة أو كليهما معاً، والطرق الأخرى من التواصل البين إنساني الناتجة عن ذلك أجزاء متكاملة من الجنسانية الإنسانية. وبالإضافة إلى الوظيفة الاجتماعية ووظيفة المتعة هناك وظيفة التكاثر.

وعلى عكس السلوك الجنسي الحيواني يتصف السلوك الجنسي الإنساني بتحرير واسع جداً للهرمونات والغرائز. فالسلوك الجنسي الحيواني مقيد بفترات محددة من السنة و لا يهدف إلا إلى التكاثر في حين أن الله سبحانه وتعالى قد منح الإنسان العقل الذي ينظم عملية التحكم بالغرائز  والدوافع، وترك للإنسان مسؤولية ذلك.

أما تنوع السلوك الجنسي الكبير بين شعوب الأرض وضمن الثقافة الواحدة والتنوع بين الأفراد والمجموعات فمرده إلى عمليات التعلم والتنشئة الاجتماعية بالدرجة الأولى.

 

 

3- الجنسانية والصحة

ليس من شك اليوم أن المشكلات في مجال الجنسانية الإنسانية ذات تأثير كبير على صحة الفرد الجسدية والنفسية وعلى شعوره بالرضا والسعادة، وأن هناك علاقة وثيقة بين الجهل والتصورات الخاطئة حول الجنس وبين المشكلات والاضطرابات الصحية المختلفة.

وتعرف منظمة الصحة العالمية الجنسانية بأنها: تكامل الوجوه الجسدية والعاطفية والفكرية والصحية للرضى الجنسي، الذي يتم من خلاله إثراء الشخصية ونموها، وكذلك العلاقات بالناس الآخرين والقدرة على الحب عند الفرد بالمعنى الإيجابي.

ويتضمن التعريف أعلاه ثلاثة عناصر أساسية:

  1. القدرة على السلوك التكاثري والجنسي وفق المعايير الاجتماعية و الشخصية.
  2. التخلص من القلق والخجل والذنب والتصورات الخاطئة والعوامل النفسية الأخرى التي تكف الاستجابات الجنسية وتلحق الضرر بالعلاقات الجنسية وبالصحة النفسية.
  3. الخلو من الاضطرابات والأمراض والعيوب الجسدية التي تلحق الضرر بالوظائف الجنسية وبالتكاثر.

 

ويرتبط تحقيق هذا التصور بشروط محددة مثل توفر المعلومات الأساسية حول الوجوه البيولوجية والنفسية و حول النمو الجنسي والتكاثر الإنساني وتنوع السلوك الجنسي واضطرابات الوظائف والأمراض الجنسية.

 

  1. علم نفس فيزيولوجيا الجنس

يستجيب الشخص البالغ دائماً كوحدة متكاملة وككل. وهذه الاستجابة مكتسبة اجتماعياً. فالمنبه الفيزيائي (اللمسي tactile ) أو النفسي (اللالمسية)، على نحو الروائح والتعابير الصوتية والصور والأفلامالخ،  تنعكس بالدرجة نفسها على المجال الجسدي والنفسي. وتعد دراسة ماسترز وجونسون التي جرت في سبعينيات القرن العشرين من أشهر الدراسات التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية حول السلوك الجنسي السوي للأمريكان وما زالت حتى الآن رائدة في هذا المجال. وقد توصلا أن كلا الجنسين يمتلكان مجرى مشابهاً من ردود الفعل الجنسية تتألف من أطوار أربعة:

  1. الطور الأول طور الاستثارة: ويظهر هذا الطور عند الإثارة الجنسية. فإذا استمرت تظهر حالة أشد من التوتر.
  2. طور الاستقرار: ويستمر لفترة زمنية قد تطول أو تقصر ثم يعقبه طور الذروة.
  3. طور الذروة: وبعد ذلك يتراجع التوتر وتطلق على هذا الطور تسمية طور التراجع.
  4. طور التراجع: حتى يتم الوصول إلى المرحلة السابقة للاستثارة. وفي الطور الرابع يمكن للمرأة تحقيق ذروة أخرى أما لدى الرجال فإن الإثارة من جديد تكون غير ممكنة لفترة زمنية محدودة.

 

ويمكن إحداث طور الإثارة من خلال مثيرات فيزيائية ونفسية مختلفة، فإذا ما تناسبت هذه الإثارة مع الحاجة الفردية للشخص فإن الإثارة تزداد بسرعة. ويمكن للإثارة غير الملائمة أو قطع الإثارة أن تقود إما إلى إطالة زمنها أو إلى قطعها كلية.

وتقود الاستثارة الفاعلة والمستمرة إلى طور الاستقرار، ولا يمكن تحقيق الذروة إلا من خلال طور الاستقرار هذا. ويتعلق زمن طور الاستقرار بفاعلية الاستثارة من جهة وبرغبة الفرد في تحقيق الذروة من جهة أخرى.

والتهيج غير الكافي ونقص الاستعداد للذروة وقطع الاستثارة يقود إلى إعاقة بلوغ الذروة Climax. وفي هذه الحالة تتناقص الاستثارة بالتدريج و يكون هنا طور التراجع النهائي طويل جداً على غير المعتاد.

ويؤدى اشتداد التهيج excitation إلى الذروة وتكون علامتها القذف ejaculation عند الذكر و التقلص العضلي contraction  في محيط الرحم والمهبل عند الأنثى، ويستمر هذا الطور لثوان قليلة، وبعد ذلك يبدأ طور التراجع شريطة أن تتوقف الاستثارة.

وعلى الرغم من تشابه الأطوار فهناك فروق عديدة متعلقة بالجنس فيما يتعلق بردود الفعل على ردود الأفعال الجنسية:

  • يكون مجرى الإثارة عند المرأة أكثر تنوعاً منه عند الرجل.
  • عموماً يصل الرجل إلى طور الذروة أسرع من المرأة.
  • تكون فترة طور الذروة عند المرأة أطول منها عند الرجل.
  • تتنوع إحساسات النشوة الذاتية عند المرأة أكثر من الرجل.
  • تستطيع المرأة بعد الوصول للذروة تحقيق ذرى أخرى مباشرة، في حين أن الرجل لا يستجيب في العادة إلى المثيرات الجنسية الجديدة إلا بعد فترة زمنية محددة.
  • تشعر المرأة بالرضى إذا حققت أكثر من ذروة أكثر من الرجل.

 

وتعد ردة الفعل الجنسي سريعة الاضطراب، فالقلق والغضب والمراقبة المستمرة للذات يمكن أن تلحق الأذى بالحدث الجنسي.

وتتمركز الأطوار المختلفة لدورة رد الفعل الجنسي في المناطق التناسلية الخاصة بالجنس وفي المناطق ذات العلاقة بذلك، أي ما يسمى بالمناطق جانب الجنسية. ويعرض جدول (1) الاستجابات الممكنة بشكل عام. ويميز الجدول بين نوعين من الاستجبات:

  1. الاستجابات الأولية: وهي التي تحدث بشكل خاص في منطقة الأعضاء التناسلية، وتتمثل في انقباض الأوعية الدموية.
  2.  الاستجابات الثانوية: وهي عبارة عن ارتفاع عام في التوتر العضلي.

 

 

جدول(1) دورة الاستثارة الجنسية عند الجنسين

طور الاستثارة

طور الاستقرار

طور الذروة

طور التراجع والاسترخاء

ردود الفعل عند المرأة

  • انتفاخ البظر
  • إفراز المادة اللزجة في المهبل (تفرز من جدار المهبل)
  • توسع وتمدد وتلون المهبل.
  • ارتفاع جزئي لعنق الرحم
  • انفراج الشفرين الكبيرين
  • تضخم الشفرين الكبيرين.
  • ينسحب البظر إلى محيط الالتصاق الأمامي
  • تشكل إطار الذروة.
  • ارتفاع كامل للرحم
  • استمرار الشفرين الكبيرين في الانتفاخ.
  • ظاهرة (البشرة الجنسية) للشفرين الصغيرين (لون أحمر خمري غامق).
  • إفراز الغدة البارتولينية (Bartoline: موجودة في الجدار الداخلي للشفرين الصغيرين للترطيب عند المرأة)
  • انقباض الجدار الذروي.
  • انقباض الرحم بدءاً من الداخل مروراً بمحيطه حتى عنق الرحم. وتكون الشدة متوازية مع شدة الذروة.
  •  عودة البظر لحالته الطبيعية وتناقص الانتفاخ الدموي.
  • تراجع انتفاخ الجوف.
  •  عودة الرحم لوضعه السابق.
  • تراجع الشفرين وتراجع الانقباض الوعائي.

ردود الفعل المرافقة

  • ردود فعل حلمة الثدي.
  • ازدياد توتر العضلات.
  • ازدياد عدد نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم بالتوافق مع ازدياد الاستثارة.
  • ازدياد حجم الثديين.
  • انتفاخ حلمتي الثديين.
  • الارتفاع المطرد للتوتر العضلي.
  • ارتفاع عدد ضربات القلب (بين 100-175) في الدقيقة.
  • تقلصات لا إرادية وتقلصات لمجموعة من العضلات.
  • تقلصات لا إرادية في العضلة العاصرة الشرجية.
  • يصل إيقاع التنفس حتى 40 في الدقيقة.
  • يتراوح عدد نبضات القلب بين 110-118 في الدقيقة.
  • تراجع انتفاخ الثديين والحلمتين.
  • عودة الاسترخاء العضلي ببطيء وانسحاب الدم، وعودة نبضات القلب والتنفس لطبيعتهما.

ردود الفعل الجنسية عند الرجل

  • التحقيق السريع للانتصاب (يكون سريع الاضطراب من خلال مؤثرات غير جنسية)
  • تضخم وتشنج الصفن.
  • انتفاخ الصفن.
  • انتفاخ الخصيتين.
  • استمرار انتفاخ وتلون حشفة القضيب.
  • ازدياد حجم الخصيتين (تورد الدم)
  • إفراز غدة كوير (Cower مهمتها التهيئة للقذف عند الذكر).

 

- إطلاق تقلص العضلات والبربخ والقناة الدافقة والبروستات والتحضير للقذف في القناة البولية الخلفية وإخراج النطاف من خلال تقلصات لا إرادية.

  • تراجع القضيب في مرحلتين.
  • التراجع السريع لتقلص الأوعية حتى يصبح حجم القضيب بحجم مرة ونصف من حجمه الأصلي.
  • العودة للوضع الأولي في الغالب.
  • التراجع السريع للتوتر ولتضخم الصفن وتراجع حجم  وانتفاخ الخصيتين.

ردود الفعل المرافقة

تشبه إلى حد كبير تلك التي تحدث لدى المرأة

 

 

  1. بعض الوجوه المميزة لمظهر الخبرة النفسية لأطوار ردود الأفعال

اقتصر العرض السابق على عرض نمط رد الفعل الجسدي على المثيرات الجنسية. وسنتعرض فيما يلي من الحديث بعرض بعض جوانب الخبرة النفسية لأطوار ردود الأفعال الجنسية من خلال عرض لطور الذروة.

فلدى الرجل يبدأ طور الذروة في البداية بالشعور بعدم القدرة على تجنب القذف المصحوب بأحاسيس التقلص ونبضات في مجال القضيب. ويترافق قذف النطاف النهائي مع الشعور بالمتعة، مع تقييدات في مجال الإدراك الحسي.

أما المرأة فتخبر ثلاثة أطوار مختلفة من النشوة.

  • ينشأ في البداية شعور قصير بالتوقف ثم يتبعه "دفعات فريدة من الأحاسيس المكثفة" أو تترافق معه، وتتمركز هذه الأحاسيس في البظر وتنتشر في منطقة الحوض، وانخفاض في الوقت نفسه للإنجاز الحسي. وتتحدث كثير من النساء هنا عن الشعور بالعصر والانتشار والتشبع والامتلاء.
  • ويتصف الجزء الثاني من الذروة بإحساس ذاتي من انتشار الدفء منطلقاً من الحوض، شاملاً بالتتابع الجسد كله.
  • أما الجزء الثالث فيتصف وجدانياً بتقلصات عشوائية في منطقة المهبل والحوض ويمكن وصفه على شكل نبضات في الحوض.

 

  1. علم نفس الغدد الصم الجنسي

يتطلب حدوث الاستثارة وجود قابلية لدى الفرد لهذه الاستثارة. ويمكن تعريف الاستثارة بأنها الاستعداد المتبدل بين فردياً وبين شخصياً للاستجابة الجنسية نتيجة للتنبيه الجنسي.

وتعد الاستثارة هي المستوى الراهن للتنبيه الجنسي، إنها عبارة عن وظيفة القابلية للاستثارة والموقف القائم أو المثيرات الجنسية التي يتضمنها الموقف. وتتضمن هذه المثيرات الظروف الخارجية وما يقوم به المرء الآن والأشخاص الذين يكون الفرد معهم، وكذلك المشاعر والأمزجة والتوقعات والخيالاتالخ.

ويعد النظام الغدي-التناسلي-النخامي-الهيبوتالاموسي نظاماً هرمونياً مهماً بالنسبة لجنوسة الإنسان. ويقدم الشكل (1) عرضاً تخطيطاً للجهاز الغدي التناسلي النخامي الهيبوتالاموسي.

 


ويتضح من الشكل (1) أن الهيبوتالاموس يقوم بتوجيه من القشرة الدماغية بتحرير هرمون LH-RH من جهة، ومن جهة أخرى بتحرير العامل المثبط للبرولاكتين PIF اللذين يؤثران على المقطع الأمامي للغدة النخامية، الذي يؤدي بدوره إلى تحرير LH و FSH(الهرمون المنشط للجريبات) والبرولاكتين.

وتطلق على هذه الهرمونات المؤثرة على وظائف الأعضاء الجنسية مع هرمونات LHRH و PIF  تسمية الهرمونات الجنسية بالمعنى الأوسع. وتؤثر على الغدد الجنسية، وفي حالة البرولاكتين على الثديين كذلك.

أما هرمونات الستروئيد المتحررة في الغدد التناسلية (وخصوصاً دايهيدروتستسترون Dihydrotestestron و الأندروتستسترون  Androtestestron و الأوستراديول Oestradiol والأوسترون Oestron والبروجيسترون Progesterone (لدى الأنثى فقط)، فتؤثر على الأعضاء الجنسية، إلا أن لها تأثير رجعي على مقدمة الغدة النخامية والهيبوتالاموس.

ويحث هرمون FSH لدى الأنثى النمو ونضج الجريبات، أما لدى الذكر فهو يثير تشكل النطاف. ويسبب هرمون LH لدى الأنثى تحرير البويضة وتحول الجريب إلى الجسم الأصفر؛ أما عند الذكر فيكون مسؤولاً عن إنتاج الأندروجين. ويحث هرمون LTH نمو الثدي الأنثوي. وتعد النتائج حول دور الأندروجين عند الذكر أكثر تأكيداً: فعلى ما يبدو فإن القابلية للاستثارة المثلى تحتاج إلى مقدار معين من هذا الهرمون، والإمداد اللاحق بهذه المادة لا يرفع الاستثارة.

 

  1. السلوك الجنسي السوي

ترجع جذور المساعي العلمية لبرهان العلاقة بين وظائف الغدد التناسلية والجنوسة النفسية عند الإنسان إلى القرن الثامن عشر، إلا أنه لم يكن أحد في ذلك الوقت يعلم شيئاً عن الهرمونات الجنسية. فعلم النفس بالمعنى الحديث نشأ في القرن التاسع عشر، وقد انطلق من أحضان علم النفس المرضي، أي من الاهتمام بما سمي في ذلك الوقت بالانحرافات الجنسية للجنسية المثلية والاستعراضية والساديةالخ. وقد كان علم الجنس في ذلك الوقت يتجه اتجاهاً عيادياً خالصاً. أما الحياة الجنسية "الطبيعية" فقد بدت للعلماء سهلة وواضحة. وفي ثلاثينيات القرن العشرين أصبح السلوك الجنسي الذي يقوم به بعض الناس أو بعض المجموعات موضوعاً للدراسات التجريبية.

 

  1. اضطرابات الجنسانية

8،1- تصنيف الاضطرابات الجنسية

السلوك الجنسي السوي هو السلوك المعتاد في مجتمع ما، أي هو السلوك الذي تقوم به الأكثرية، سواء تعلق الأمر بالموضوع الجنسي المختار (الشريك) أم بطريقة الممارسة. والأشخاص الذين ينحرفون بأي شكل من الأشكال عن هذا المعيار الإحصائي تطلق عليهم تسمية منحرفون جنسياً.

وهنا ينبغي علينا عدم الخلط بين مفهوم الانحراف الجنسي و مفهوم الاضطراب الجنسي. فالاضطرابات الجنسية عبارة عن اضطرابات تقود إلى إلحاق الضرر في واحد أو أكثر من أطوار العملية الجنسية، وتعيقها. وتؤثر على الحياة النفسية للإنسان، وعلى سعادته ورضاه الجنسي والنفسي، وتنعكس على علاقاته بالآخرين، أو تكون نتيجة لوجود تضررات في الصحة النفسية عند الإنسان، كالقلق، والاكتئاب أو للمفاهيم الخطأ و التصورات المبالغ فيها وغير الصحيحة عن الجنسية.  والقليل منها يرجع لأسباب عضوية، وأكثريتها ذات أسباب وظيفية نفسية. فالبرودة الجنسية أو عدم القدرة على تحقيق الإشباع الكامل، أو عدم قدرة الرجل على الممارسة الجنسيةالخ عبارة عن اضطرابات وظيفية وليست انحرافات جنسية.

أما الانحرافات الجنسية (الشذوذات) فهي انحراف مرضية للدافع الجنسي عن الموضوع الأصلي للإشباع إلى مواضيع بديلة لا يمكن تحقيق الإشباع إلا من خلالها، حتى لو توفر الموضوع الأصلي. ومن أشكال الانحرافات الجنسية يمكن تعداد الاستعراضية Exhibitionism و الملاوصة Voyeurism والسادية والمازوخية تعد من الانحرافات الجنسية فيما يتعلق بطريقة الممارسة الجنسية، واشتهاء الأطفال Pedophilia  (انحراف لا يلاحظ إلا لدى الذكور فقط) والجنسية المثلية والتمائمية Fetishism  تعد من الانحرافات الجنسية فيما يتعلق بالموضوع الهدف. وتعد بعض أشكال الانحرافات الجنسية عموماً ظاهرة نادرة الملاحظة، وبعضها أكثر ملاحظة من غيره وتتم المبالغة ببعض أشكال الانحرافات في بعض الوسائط الإعلامية معطية الانطباع بانتشار هذا الشكل أو ذاك من هذه الانحرافات المرضية أو موهمة بتطبيع هذا الانحراف.

 

 

 

8،2- الاضطرابات الجنسية

تقسم اضطرابات  الجنسية طبقاً لمنشئها إلى اضطرابات نفسية المنشأ  (وظيفية) و جسدية المنشأ. وتنشأ الاضطرابات الجنسية الوظيفية عندما لا يكون الرجل أو المرأة في حال يسمح لهما بإنماء الحاجة الجنسية للشريك و إتمام ممارسة جنسية محققة للرضى مع هذا الشريك أو كليهما معاً على الرغم من أن الموقف الذي يكونان فيه ملائم لذلك وعندما تكون الشروط الجسمية-التشريحية موجودة وعند عدم وجود تثبيت على أهداف ومواضيع جنسية شاذة.

أما الاضطرابات الجنسية جسدية المنشأ فإن السبب قد يكمن في التأثير المباشر لتشوه أو مرض (مزمن أو حاد) أو الإصابة أو لعملية جراحية أو بردة فعل نفسية على مرض أو لتدخل طبي أو لتركيبة من الأعراض الجسدية المنشأ أو لتناول أدوية على نحو أدوية القلب أو أدوية نفسية.

ويقدم جدول (2) عرضاً للاضطرابات الجنسية الوظيفية النفسية المنشأ.

جدول (2) الاضطرابات الوظيفية الجنسية

المرحلة

الرجل

المرأة

1- الاقتراب الجنسي

النفور الجنسي: عدم الاهتمام السلبي، الخوف من "الفشل".الخ

 

2- الاستثارة الجنسية

اضطرابات انتصاب، لا تكون المدة والشدة كافيتين للإتمام ممارسة كاملة.

 

3- الإيلاج

 

التشنج: عدم التمكن من الإيلاج بسبب التشنج، أو الإيلاج يكون ممكناً إلا أنه مترافق بألم شديد.

 

جماع جنسي مؤلم، حرقة، وخز، حكة في منطقة الأعضاء التناسلية، ولدى المرأة تشنجات عند الذروة أيضاً.

4- الذروة

  • القذف المبكر، خروج النطاف قبل الإيلاج، أو عند الإيلاج مباشرة.
  • عدم القذف: رغم الاستثارة الكافية لا يحدث القذف.
  • القذف دون إشباع: القذف دون رغبة ودون الشعور بالنشوة.

 

5- ردة فعل ما بعد الذروة

تعكر مزاجي بعد الممارسة، توتر وعدم استقرار داخلي، أرق، اكتئاب، حالات بكاء، أحاسيس سلبية في المنطقة التناسلية.

 

 

 

8،2،1- الاضطرابات الجنسية نفسية المنشأ 

وفيما يتعلق بالاضطرابات الجنسية نفسية المنشأ فإن أغلب الشكاوى تتمركز في اضطرابات الانتصاب والقذف عند الذكور، أما عند الإناث فتتمثل في الاستثارة و الذروة. و لا يمكن إرجاع جميع هذه الاضطرابات الجنسية المرتبطة اجتماعياً ونفسياً إلى صراعات بين نفسية لا شعورية، كما تفترض مدرسة التحليل النفسي،  أو إلى مشكلات بين زوجية، كما يفترض العلاج الزوجي، أو إلى سوء التكيف (رهاب) أو إلى عجز في التعلم، أي إلى نقص الأشخاص النموذج فيما يتعلق  بالحب والجنسيةالخ، كما يرى العلاج السلوكي. فجزء كبير من هذه الاضطرابات يرجع إلى ما يسمى بالاضطرابات الكاذبة و له أساب أخرى على نحو النقص في المعلومات فيما يتعلق بتشريح الأعضاء التناسلية أو فيما  يتعلق "بأشكال الممارسة" المباحة والمشروعة الخ، وأحياناً توجد عوامل خارجية غير ملائمة على نحو نقص المحيط الخاص أو الخجل المتبادل، على نحو نقص القدرة على التعبير عن الحاجات الخاصة، كما يمكن أن تكون اضطرابات الرغبة واضطرابات إتمام العملية الجنسية الكاملة عبارة عن أعراض مرافقة لأمراض نفسية شديدة كالاكتئابات العصابية والذهانية واضطرابات من محيط الفصامات.

 

8،2،2- الاضطرابات الجنسية الجسدية المنشأ

في عدد ليس بالقليل من الحالات يغلب أن تكون الاضطرابات الجنسية ناجمة عن تناول علاج دوائي (كالأدوية النفسية) وخصوصاً في الأمراض المذكورة في نهاية الفقرة السابقة. ويستجيب الرجال لذلك باضطرابات الانتصاب والقذف. وهناك عدد كبير من الأدوية التي تؤثر بشكل سلبي على خبرة وسلوك المريض على نحو مضادات فرط التوتر الشرياني من نوع محاصرات المستقبلات بيتا Beta-Receptor blocked. كما يمكن ملاحظة الاضطرابات الجنسية في كل مرض جسدي على نحو الأورام الخبيثة والحالة بعد الذبحة القلبية ..الخ وأمراض الكبد، كالتليف الكبدي Cirrhoses والتهابات الكبد Hepatitis… الخ، والأمراض الغدية كالسكري وأمراض عصبية، كتصلب الشرايين وإصابات النخاع الشوكي، بالإضافة لأمراض موضعية في الجهاز التناسلي، كالالتهابات.

 

 

 

  1. الجنسانية والصحة النفسية

لقد أصبح من المؤكد اليوم أكثر مما مضى أن المشكلات في مجال الجنسية الإنسانية هي ذات تأثير  كبير الأهمية  على صحة الفرد الجسدية والنفسية وعلى شعوره بالرضا والسعادة وأن هناك روابط شديدة بين الجهل الجنسي والتصورات الخاطئة حول الجنس وبين المشكلات والاضطرابات الصحية  المختلفة.

يقصد بالجنسانية في علم النفس والصحة النفسية كل المثيرات والحاجات والأنماط السلوكية المرتبطة "بالدافع الجنسي" بالمعنى الواسع، ولا تقتصر على الفعل الجنسي بالمعنى الضيق. فهي تتضمن كثير من العلاقات الجسدية والنفسية وتحتوي على مظاهر الرضى والسعادة والاسترخاء. إن كون الإنسان يعيش مع شريك يحبه ويتقبله ويساعده ويسانده ويبث له همومه ومشكلاته يمكن أن يكون أكثر إشباعاً من مجرد العملية الجنسية بحد ذاتها؟ ولا يمكن في الجنسانية أن يحل الكم محل الكيف. وجزء من وعي الإنسان لذاته ومفهومه عن ذاته وجسده يستمده من جنسانيته، فإذا كانت الجنسانية غير "سليمة" فإنه سوف يعاني من جراء ذلك، حيث تمثل الجنسانية المقيدة مصدراً من مصادر الإحباط وما يرتبط بذلك بالنتيجة من العدوانية والاكتئاب و عدم الرضى، أي أن الجنسانية المقيدة تلحق الضرر بالصحة النفسية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

ومفهوم الرجولة والأنوثة لا يعني الطاقات الجنسية الشديدة، وإنما إدراك المرء لدوره كرجل أو امرأة والتصرف وفقاً لذلك.

والكثير من الاضطرابات الجنسية مردها جهل الإنسان لجسده (نقص في مفهوم الجسد من خلال الجهل بمعرفة الحوادث الجسدية التي تدور في الجسد) والمفاهيم غير الصحيحة عن الجنس والخجل من التعبير عن المشاعر الذاتية والحاجات الخاصة الناتجة عن أخطاء التربية والمعتقدات الخاطئة حول الأسلوب "السوي" وغير "السوي" للحياة الجنسية والتي يتم ربطها عن غير وجه حق بالدين في كثير من الأحيان، مع أن ديننا قد أعطى لكل حق حقه فيما يتعلق بالحياة الدنيا والآخرة.

وعلى الرغم من أن الشذوذات الجنسية نادرة الملاحظة نسبياً، إلا أنها موجودة في كل المجتمعات وهي واقعة في مجال علم النفس المرضي. أما المشكلات الجنسية أو الاضطرابات الجنسية الوظيفية فهي مشكلات يمكن أن يمر بها كل إنسان في أية مرحلة من مراحل حياته، ولا تعد اضطرابات نفسية ذات قيمة مرضية، بمقدار ما هي "مشكلات سوية" يمر بها الإنسان لأسباب نفسية واجتماعية، إلا أنها قد تلحق الأذى بالصحة النفسية إذا استمرت لفترة طويلة و إذا ما لم تعالج الأسباب النفسية الكامنة خلفها.

ويمر الكثير الأشخاص في فترة المراهقة بخبرات الإشباع الذاتي، وهي خبرات قد ترتبط لدى كثير منهم بمشاعر الذنب والخوف نتيجة التصورات الخاطئة والجهل. إلا أنه من الناحية النفسية يعد المرور بهذه الخبرات أمراً طبيعياً، وخصوصاً حين لا تتوفر إمكانات الإشباع البديلة، وهي جزء من النمو السوي وخطوة مهمة في النمو الجنسي للإنسان وتختفي أهميتها مع التقدم في العمر بسبب احتلال العلاقات التشاركية والاجتماعية مركز الاهتمام. ومن المهم في هذه المرحلة توجيه برامج التوعية والإرشاد النفسي والجنسي وتقديم المعلومات الصحيحة والواقعية بدلاً من ترك الناشئة فريسة للجهل. فمن خلال ذلك يمكن للمراهقين بناء تصور واقعي عن ذاتهم ومعرفة حاجاتهم وتحقيق حياة صحية وسليمة. فالمفهوم الإيجابي للصحة النفسية يفترض أن يكون الإنسان مدركاً لحاجاته الحقيقية وأن يقيمها بصورة واقعية.

  1. التربية الجنسية وأهميتها

لا يعد إدخال التربية الجنسية  في جميع مراحل التعليم وبرامج التوعية  والتثقيف   ضرورة اجتماعية ونفسية فحسب وإنما ضرورة بيئية وصحية كذلك نتيجة للأمراض الناجمة عن الجهل الجنسي كالإيدز والأمراض الجنسية الأخرى التي تهدد الموارد ويجعل حتى أغنى الدول عاجزة اقتصاديا أمام النهوض   بأعباء العلاج.

ومعالجتنا للمشكلة عن طريق التجاهل والتصرف كما لو أن المشكلة غير موجودة   وقمعها في زمن المتغيرات السريعة  سواء كان ذلك باسم الدين - والذي لا أساس له في الدين أصلاً - أم عن طريق الأعراف والعادات والتقاليد   أم عن طريق تلقين الجيل قوالب جامدة   وتصورات هوامية غير واقعية   وشعارات فارغة حول الحياة   لم تقد   حتى الآن إلى حل بل إلى تفاقم للمشكلة   وعلينا بحث البدائل   المتمثلة في تمكين الشباب من التزود بالمعارف والمواقف والمهارات اللازمة من أجل إدارة حياة صحية و نفسية سليمة في عصر الوفرة المعلوماتية التي أتاحها لنا التقدم الإنساني كالإنترنيت و الفضائيات   .

و تتمثل الإشكالية التربوية تكمن الكيفية التي يجب أن تتم فيها معالجة هذه المشكلة   ومساعدة   الأطفال واليافعين في هذا المجال. وهنا لابد من تحديد استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى بنفس الوقت تتعلق بالتربية الجنسية.  

ومن أهداف هذه التربية الجنسية التوعية الجنسية التي تسعى إلى بناء اتجاهات سليمة لدى الناشئة نحو الجنس والأمور الجنسية ضمن شروط المجتمع الذي يعيشون فيه . وتلك ليست بإشكالية سهلة في كل الأحوال.

وتتميز الجنسية بالنسبة للإنسان  بمظاهر مختلفة تميزه عن بقية المخلوقات لابد من أخذها دائماً بعين الاعتبار بشكل تفاعلي عند وضع وتخطيط برامج التربية الجنسية لأن الاقتصار على جانب واحد وتجاهل الجوانب الأخرى يمكن أن يقود إلى عواقب تربوية ونفسية سلبية:

1- مظهراً بيولوجياً، كشرط لإعادة الإنتاج ( للتوالد )

2- مظهراً ذاتياً كخبرة إنسانية

3- مظهراً تفاعلياً من خلال التواصل التشاركي.

ومن خلال المظهرين الأخيرين   يتميز السلوك الجنسي الإنساني عن الحيواني   بصورة جوهرية فالتوجيه الغريزي للدافع الجنسي عند الإنسان منخفض جداً   وغير مرتبط بفترة زمنية محددة   والحاجة للتكاثر   منفصلة عند الإنسان   عن الحاجة للإشباع الجنسي.

والتكيف مع المحيط ونمط السلوك   الجنسي وطبيعته   تتحدد بصورة جوهرية من خلال   عمليات التعلم التي تتأثر بدرجة كبيرة بالبنية الاجتماعية السائدة.

 

  1. التوعية والتربية الجنسية

تهدف التربية باعتبارها وظيفة اجتماعية إلى أن ينمي أفراد هذا المجتمع أو أعضاء هذه المجموعة داخل هذا المجتمع   أنماط السلوك   التي تتناسب مع ذلك المجتمع   أو تلك المجموعة أو الفئة الحاكمة   المسيطرة. وكون التربية عملية اجتماعية   فإن ذلك يحمل الأسرة والمدرسة    المهمة الرئيسية   في صياغة التربية . وتقوم المدرسة في مجرى النمو   بعملية تمايز مهمات التربية   كالتربية المعرفية والجسمية والجمالية.

ويعد التأهيل والتربية الجنسية جزءاً من الإعداد للحياة والحياة التشاركية   والزواج والأسرة. ومن هنا   فإن التربية الجنسية يجب أن تهدف إلى :

1- تمكين الفرد   من بناء علاقاته الزوجية والأسرية   بحيث تتم هذه التربية   بشكل ينمي الشخصية والتشارك. وتتعلق أهداف هذه التربية بالعلاقات الاجتماعية   وبالمعايير الاجتماعية التي تقوم عليها   هذه العلاقات بالنظر للروابط البين إنسانية وتوزع الأدوار.

2- تمكين الفرد من تنمية علاقاته بالجنس الآخر   وأن يجد في هذه العلاقات تنمية ذات   مغزى لحياته   وحياة شريكه .

3- ينبغي لأهداف التربية الجنسية تقديم المعرفة اللازمة حول جنسية الفرد الذاتية وحول خصائص الجنس الآخر وحول المشكلات الخاصة بالعلاقات الجنسية   وكذلك تقديم المعرفة   حول ديناميكية الحياة الزوجية   والأسرية . وتعتبر هذه   المعارف   الشروط الأساسية للبناء الموفق والواعي   للحياة   الزواجية و الزوجية   والأسرية.

4- وأخيراً تمكين   الناشئة باعتبارها أسرة في المستقبل تحضير   أطفالهم من خلال   سلوكهم المثالي الذاتي والتربية الجيدة العامة والخاصة   من كيفية التعامل مع الجنس الآخر.

بالإضافة إلى ذلك لابد للتربية الجنسية من الانطلاق من :

  • موضوع التساوي بين الجنسين في مجال العلاقات الزوجية  والجنسية كأمر أساسي   وحتمي من أجل إدارة حياة زوجية وزواجية   وأسرية موفقة ولنا   في سلوك وأحاديث الرسول العربي صلى الله عليه وسلم قدوة تربوية   في هذا المجال فالسيرة النبوية غنية بكثير من المواقف التي كان يقدم فيها الرسول الكريم e المثل الأعلى من خلال سلوكه الشخصي ومن خلال حث الناس على التمثل والإقتداء به.
  • أن الزواج وفق ما أقرته الشرائع السماوية هو الشكل الأكمل فيما يتعلق بالنمو والتطور الاجتماعي الراهن والمستقبلي، إذ أنه الشكل الأمثل الذي يضمن مصالح الأزواج والأطفال والمجتمع. ومن هنا يجب إدراك الإخلاص الزواجي   كقيمة أساسية من قيم الحياة الزوجية.
  • أن تتصف العلاقات الزوجية بالاعتراف والمسؤولية تجاه الآخر .
  • أن العلاقات الجنسية الزوجية تتضمن في العادة علاقة جنسية حميمة تهدف إلى تحقيق السعادة والراحة للطرفين.
  • أن مسؤولية الجيل الأكبر أمام الناشئة   تتمثل كذلك في التحضير والإعداد   لمواجهة مشكلات   الحياة الزوجية والزواجية والأسرية وذلك من خلال تقديم المساعدة   الكافية من خلال التأهيل والتوعية والتأهيل التربوي.

ويمكن اعتبار هذه المقولات قيم توجه عامة، إلاّ أنها تمتلك في الوقت نفسه   وظيفة مساعدة   في التوجه والقرار بالنسبة للتربية   الذاتية للناشئ.

وعادة ما يستند المربون في تأثيرهم إلى التوجهات   والنصائح والأوامر   التي يقدمها الدين حول تنظيم العلاقات الجنسية والزوجية باعتبارها إطار توجه أخلاقي للمجتمع تمتلك قيمة مركزية في حياة الناس. وهم في هذا المجال لا غنى لهم عن الفقهاء ورجال الدين والأطباء وعلماء النفس وأصحاب القرار السياسي لتحديد الشكل الأمثل على المستوى الروحي والمادي من أجل إدارة حياة إنسانية يتم فيها تحقيق الصحة النفسية والجسدية والجنسية.

وأثناء توجيه الشباب يمكن أن تبرز المشكلتين   التاليتين:

  • تقديم المساعدة للناشئة فيما يتعلق بأشكال النشاطات الجنسية الضارة وبناء مواقف واتجاهات واعية ومسؤولة من مسألة الجنس.
  • تحديد مجالات محتوى التربية الجنسية العامة التي يجب تحقيقها في إطار المدرسة من خلال إسهام الجهات التربوية المختلفة. وهنا يتعلق الأمر   بمجالات المعرفة والاتجاهات وتنمية الكفاءات و إتاحة الفرصة للناشئة للنقاش الواعي للظواهر الجنسية والأخلاق والمعايير الجنسية المختلفة.

 

  1. مسؤولية التأهيل الجنسي والتربية

تحتل الأسرة والمدرسة أهمية خاصة في تشكيل السلوك والخبرة الجنسية والزوجية والزواجية. ومن خلال إكساب المعلومات والمعارف ونقل القيم و تقديم القدوة في البيت من خلال سلوك الاحترام المتبادل بين الأب والأم واحترام الحياة الزوجية من خلال احترام حقوق الآخر ومساواته فإنها تسهم   في بناء المواقف   وأنماط السلوك   التي تحدد سلوك الأبناء في حياتهم الزوجية و الأسرية.كما وتمارس الجهات التربوية الأخرى تأثيراً على الأطفال والناشئة والراشدين.

إن النمو الخلقي للشخصية يتحدد من خلال الكيفية التي يتطابق فيها الضمير مع معايير القيم الخارجية ومن خلال الكيفية التي يبني فيها الفرد   في المجال الاجتماعي اتصالاته وعلاقاته بالآخرين. وتطلق على هذه العملية من امتلاك القيم الاجتماعية تسمية التمثل . وما زال هذا المجال غير مبحوث بصورة كافية فيما يتعلق بالمجال الجنسي.   ويعتبر تحليل التمثل أحد أهم وظائف علم   النفس التربوي وعلم النفس الاجتماعي . ويمكن لمثل هذا التحليل أن يقدم الشروط   من أجل دفع الجيل الناشئ إلى تمثل المعايير الأخلاقية وتمكينهم من المساهمة في تطوير   وتنمية المعايير.

ومما لاشك فيه أن معرفة المعيار   وحده لا تكفي من أجل بناء دوافع   أو تنظيمات للسلوك. فإلى جانب   المعارف يتطلب الأمر   تقبل هذه المعايير بالنسبة للشخصية الخاصة والاستعداد لتحقيقها والقدرة على إمكانية تحقيقها أيضاً. وعلى الناشئ أن يصل إلى مرحلة التحرر التدريجي من التأثيرات الخارجية وأن يتمكن من القيام بعملية التربية الذاتية وأن يخضع بحرية   ووعي للقيم الاجتماعية. وهنا علينا ألا ننسى أنه غالباً ما تصل المعلومات للناشئة   بصورة متأخرة جداً وأن الكثير من المواضيع مازال الحديث حولها محرماً - بدون أي مبرر ديني أو علمي-   مثل بدء العادة الشهرية  والاحتلام وتنظيم الحمل والوقاية الصحية الجنسية …الخ.

ومن هنا فإن التربية الجنسية لابد وأن تراعي   في إطار التوعية الجنسية النقاط التالية:

1- أن تتم التربية الجنسية بشكل يتناسب مع المرحلة العمرية أو النمو.

2- عدم تجاهل التطرق لبعض الموضوعات في الوقت المناسب كالتحضير للطمث الأول…الخ.

3- استغلال إمكانات المواد التعليمية المختلفة لتقديم المعلومات المناسبة وعدم الاقتصار على   مواد البيولوجيا.

4- التربية الجنسية ( بالمعنى الواسع ) المنهجية والمستمرة   منذ المرحلة الأولى من التعليم الأساسي وحتى المراحل الجامعية.

5- تقديم المعلومات الصحيحة بصورة مكثفة   في سنوات المراهقة

6- التعرض للمشكلات التي يواجهها التلاميذ والمراهقين في إطار الإرشاد النفسي والإرشاد الطبي الصحي …الخ.

وتلعب الأسرة   هنا   دوراً مهماً وخصوصاً في تشكيل وبناء الأدوار الجنسية   وفي تقديم   الإجابات الأولية عن المسائل الأساسية عند الأطفال التي تشغل بالهم في مجرى النمو علماً أن هناك فروقاً فردية فيما يتعلق بالسن الذي تنشأ فيه هذه الأسئلة . ومن الأمثلة   على ذلك:

1- سؤال كيف يأتي البنات والصبيان؟

هنا يكتسب   الطفل معلومات حول خصائص جسده وفرادة جسده وجسد الآخرين من الجنس الآخر . وتبدأ عملية جمع المعلومات   هذه مع الإدراك   الأول لوظائف الجسد   وتستمر منذ الطفولة حتى سن الشباب. ويهتم الطفل في البداية بأجساد الآخرين من الأطفال غير أنه بعد ذلك يهتم   بخصائص جسد الكبار.

2- سؤال من   أين يأتي الأطفال الصغار؟

وتشغل هذه المسألة الأطفال بدءاً من السنة الثالثة تقريباً. ولكن فيما إذا كان الطفل سيوجه هذا السؤال للمربي فإن ذلك يتعلق بظروف التربية . غير أنه يمكن الافتراض   أن هذه المسألة   تشغل ذهن كل طفل وليس من النادر   أن يثار هذا السؤال من خلال   ولادة طفل جديد في محيط الطفل.

3- سؤال كيف يخرج الأطفال؟

ويكون هذا السؤال ملحقاً بالسؤال السابق   ومتعلقاً بالمعلومات المقدمة من خلاله. ويغلب أن ينشغل الأطفال بهذه المسألة   في سن السادسة. وعند الإيضاح   الخاطئ وغير الواضح أو عند عدم وجود الإجابة إطلاقاً حول مصدر الأطفال فإن الأطفال غالباً ما يطورون نظرياتهم الخاصة   حول الولادة.

4- سؤال كيف يتكون الأطفال؟ ما هو دور الأب في ذلك ؟

ويقع هذا السؤال ضمن إطار مشكلة التكاثر وينشغل الأطفال غالباً منذ السنة العاشرة . وفي مجرى التعليم يحصل الطفل على المعلومات الأساسية   التي تتعمق وتتوسع وتتمايز في السنوات اللاحقة.

وليس من الضروري أن يلجأ الطفل إلى مربيه في هذه الأسئلة   كما وأن " عدم طرح الطفل لهذه الأسئلة   " لا يعني أن    الطفل لا يفكر بهذه المشكلة فهو يحصل على المعلومات من مصادر أخرى . ونجاح هذه التأثيرات يرتبط بشكل أساسي بالمثال أو القدوة التي يقتدي بها الطفل أو اليافع وهي في هذه الحال هنا الوالدين. فهم من خلال سلوكهم وتعاملهم مع بعضهم وأسلوبهم في توزيع الأدوار الجنسية   وموقفهم من المسائل الجنسية يقدمون النموذج الأول لأولادهم .

 

  1. التربية الجنسية في المدرسة

تلعب المدرسة دوراً مهماً في إيصال المعلومات والمعارف الجنسية بصورة موضوعية وعلمية للتلاميذ من خلال المواد التعليمية المختلفة كمواد القراءة والعلوم والدين …الخ.

إلاّ أن المعلم نفسه قد يواجه صعوبات كثيرة عند التعرض لموضوع التربية الجنسية . فالمعلم جزء من المجتمع   الذي يعيش فيه   وبالتالي فهو حامل   وممثل لعادات وتقاليد المجتمع   السلبية منها والإيجابية. وهنا تعتبر مسألة   "تربية المربي" المشكلة المركزية والمشكلة المفتاح في موضوع التربية الجنسية والتأهيل الجنسي.   ولا يكفي هنا أن يقوم المعلم بتقديم المعارف البيولوجية الأساسية   فقط ، وإنما لا بد من التدريب على الاستخدامات اللغوية في موضوع الجنسية أي باستخدام المصطلح البسيط والمناسب بما يتناسب مع الموضوع والمرحلة العمرية بالإضافة إلى وجوب التمرن على   الكيفية التي يجب فيها إيضاح وشرح المشكلات الجنسية في إطار الدرس   بهدف رفع الثقة الذاتية عند المعلمين. وهنا يلعب الأطباء والمتخصصون النفسيون المؤهلين في علم الجنس   دوراً أساسياً في تقديم المعارف العلمية   وفي   إطار عملية التدريب والتأهيل المستمر للمعلمين. إن إدخال موضوعات التربية الجنسية ضمن المنهاج وحده غير كاف وحده بل يجب تدريب المعلمين حول كيفية التغلب على خجلهم الخاص والتغلب على إحجامهم عن التطرق لمثل تلك المواضيع. فعلى الرغم من تحمس المعلمين في كثير من الأحيان إلاّ أنهم قد لا يعرفون الأسلوب والطريقة التي يجب فيها إيصال المعلومات ويعانون من صعوبات في استخدام التسميات المناسبة. كما وإن إدخال موضوعات التربية الجنسية   ضمن المنهاج في المواد المختلفة   وتدريسها من قبل المعلم والمعلمة يقلل من الهالة والخصوصية التي قد توحي بأن الموضوع يمتلكها عندما يتم تقديم المادة   كموضوع خارج إطار الدرس الصفي أو عندما يقوم متخصص بإجراء ندوة مثلاً حول هذا الموضوع إلاّ إذا كان الأمر يتعلق بمسائل خاصة ضمن الموضوع العام كما سنشير لاحقاً.

إن الكثير من الشباب يعتقدون أنهم يعرفون الكثير عن الأمور والمشكلات الجنسية ولكن الاختبار الدقيق يظهر أن المعرفة التي يمتلكونها ناقصة جداً ومشوهة. فمثلاً تشير بعض الدراسات إلى أن كثير من الشباب من الجنسين يجهلون آليات الحمل   وكثير من النساء يجهلن المخاطر الكبيرة للإجهاض.   وحتى عندما تتوفر بعض المعلومات الصحيحة فإنها يغلب ألا تستخدم في السلوك الشخصي . وهنا توجد ثغرات معرفية يمكن سدها بطرق متنوعة   من خلال المدرسة والمعلم   ومن خلال الكتب والمنشورات والمقالات والمحاضرات والقانون والشرع.

  1. الطبيب والمتخصص النفسي ودورهما في التربية الجنسية

تعتبر التربية الجنسية من المهمات الأساسية   للمعلم الذي عليه أن يواجهها   وألا يلقيها على عاتق غيره مهما كان السبب.   ولكن حين يتعلق الأمر   ببعض المسائل التخصصية   الطبية منها والنفسية   المتعلقة بموضوعات جنسية فإنه يمكن الاستعانة   بمتخصصين بهدف عرض المشكلات المتعلقة بمجال اختصاصهم   في مجال التربية الجنسية والزوجية.

ويمكن لعمل الطبيب المتخصص والمتخصص النفسي   أن يكمل ويواصل عمل المعلم من خلال التعميق التفريقي   للمعارف وإيضاح   أهمية الموضوع .   ويستطيع كل من الطبيب والمتخصص ( المرشد ، المعالج )   على أساس من " دورهما المهني "   ومن موقف الناس   منهما المرتبط بالدور المهني أن يعالجا أغلب المواضيع الجنسية   بشكل حيادي   وأحياناً بشكل أعمق   تأثيراً مما يستطيعه المعلم الذي يمكن   أن يخجل منه   التلاميذ في عرض أسئلة معينة   بسبب خصوصيته كمعلم. وسبب كون الطبيب والمتخصص النفسي يلعبان دوراً كبيراً هو أن اليافعين غالباً ما يمتلكون تجاه أهلهم ومعلميهم ظاهرة ما يسمى "الكف" ، أي   تجنب الحديث حول أمور معينة   تمس الحياة والمشكلات الخاصة بما فيها المسائل الجنسية في إطار الأسرة أو العلاقات الاجتماعية أو مع المعلم.   في حين أنه يتم التطرق لهذه المشكلات مع شخص غريب بمجرد توفر ظاهرة الثقة الكاملة. وهذه يمكن أن يوفرها الطبيب أو المتخصص النفسي وبالتالي فهما يمتلكان شروطاً أفضل    في التعرض لمثل هذه المعلومات. وهذا الموقع   الموضوعي والحيادي لهما يتطلب منهما الالتزام الذاتي والمراعاة الكافية للمسؤولية التربوية التي يحملونها.

ومن المؤكد أنه سوف يتعرض هؤلاء لمشكلات معقدة   ومتنوعة وعليهم حل هذه المشكلات   بشكل لا يعرض سلامة الناشئة للخطر. ومن هنا   يجب أن يكونوا على إلمام ودراية   كافية   بالتوجهات الدينية و الأخلاقية للمجتمع . فعدم الإلمام بهذه   التوجهات   يمكن أن يقود إلى سوء فهم لكثير من القضايا. فتنظيم الأسرة يمكن أن يفهم على أنه دعوة للإجهاض وتشجيع عليه أو يمكن للمعلومات العلمية حول سن النضج الجنسي أن   تفهم كمطلب من أجل الممارسة الجنسية أو لتعويض السنوات الفائتة، أو أن تفهم   عدم خطورة ممار سة العادة السرية على أنها دعوة لليافعين لممارستها دون حدود.

أما الوسائل التي يمكن من خلالها   التعرض للمشكلات الجنسية فهي متنوعة وتتراوح بين   الإرشاد والتوجيه الفردي والتنظيم الدوري   لساعات الاستشارة والجلسات الإرشادية الشبابية   والإرشادية الجنسية   والإرشادية الزوجية   والزواجية.   ومن الطبيعي هنا أن يتولى طبيب النسائية   والأمراض   البولية والتناسلية   مهمات أساسية في التربية الجنسية للسكان وذلك من خلال عمله المباشر   في إطار   المراجعات الدورية   للنساء سواء في إطار الأمراض النسائية أو في إطار الإشراف على الحمل   أو في إطار الفحوصات الوقائية.

 

 

  1. بعض مبادئ العمل التربوي الجنسي

سنتعرض فيما يلي لبعض مبادئ العمل التربوي الجنسي من منظور علم النفس. وهي مبادئ عامة تساعد   المعنيين بدءاً من الأسرة وانتهاء بالمعلم والطبيب والمرشد النفسي كإطار توجه،   ومراعاتها تعتبر ذات أهمية في نجاح العمل التربوي الجنسي.

1) مبدأ حتمية النمو:

لابد من تنظيم كل التأثيرات بشكل يتناسب مع مجرى النمو. وهذا يشترط توفر المعرفة حول المجرى العام للنمو   والخواص الفردية   للمربي في الوقت نفسه.   على المرء دائماً أن يخبر الطفل بالمقدار الذي يسأل عنه أو بالمقدار الذي يستطيع فهمه.   كما وأن التعاليم لابد من أن يتم تلقينها بصورة متناسبة مع السن. وعلى البرامج التعليمية مراعاة هذا المبدأ وتبدأ بعرض الإجابات   على المسائل المتعلقة بالجنس من الصف الأول الابتدائي.

 

2) مبدأ الثقة :

تعتبر الثقة أساس كل تأثير جنسي تربوي. والثقة بالطفل والناشئ لابد أن تكون موجودة منذ البدء فهي تشكل أساس ثقة التلميذ بالمربي. وبناء الثقة   يشترط   وجود تواصل   جيد بين المعلم والتلميذ. كما ويشترط وجود الثقة   وبناءها معرفة المربي بخصائص   الطفل و الناشئ . وهذه المعرفة تمكنه من   التعامل بصورة ملائمة   على أساس الخصائص الفردية الملائمة.   على المربي أن يظهر أن مشكلات وأسئلة الناشئين معروفة لديه وليست غريبة وأنه من خلال هذه المعرفة يستطيع تفهم الناشئة. وبهذا يكون المربي قد حقق لنفسه نقطة انطلاق أفضل مما لو أظهر الانطباع بأنه يقف   (( فوق كل اعتبار ))   ممثلاً لما يجب أن يكون.

على المربي أن يبدي التفهم عند تقييم صداقات   اليافعين والتعامل بجدية   مع اليافع   وعدم الضحك   حول الأسئلة التي يطرحها أو السخرية منه. إن مشكلات اليافع هي مشكلات حياتية وعلينا ألاّ ننسى أننا قد عانينا من مشكلات شبيهة في مراهقتنا.

3) مبدأ الإعداد الفعال والتحصين:

إنه لمن الخطأ الاعتقاد بأن جهد التربية لابد وأن يقتصر على أن يقال شياً ما عندما يسأل الطفل.   ففي المجالات جميعها يقوم الكبار بنقل المعرفة للأطفال والناشئة، إلاّ أن هذا غالباً ما لا يحدث في مجال المعارف الجنسية، مع العلم أن الأمر مهم جداً في مجال التربية الجنسية بالتحديد. إذ أن تقديم المعارف يرتبط في الوقت نفسه مع تشكل المواقف. ومن المهم هنا استغلال   الوظيفة   التربوية   التي يملكها ((الانطباع الأول)). فمن المعروف أن الخبرات   والمعلومات الأولى ترسخ بشكل شديد الثبات في الذاكرة. فإذا ما تمكن المربي من التوضيح   للطفل في الوقت المناسب وتمكن في الوقت نفسه من فهم الطفل   وقام بإجراء بنّاء للمواقف و بناء الشخصية   فإن الطفل سوف يتحصن بدرجة كبيرة   تجاه التأثيرات   السلبية.

4) مبدأ   الصدق والوضوح:

من المبادئ الأساسية لكل مربي   أن يكون صادقاً وواضحاً في التعبير عن نفسه. ومن الغريب أن يلاحظ الكثير من التردد عندما يتم تطبيق هذا المبدأ   في التربية الجنسية . فمن خلال الصمت   والتعتيم   أو التجنب أو عدم الوضوح يضفي المرء على هذه المشكلة جذباً غير عادي يؤدي إلى إثارة الفضول. فإذا ما   كذب المرء على الطفل أو أخفى عنه شيئاً   فإن المربي سرعان   ما سيفقد مصداقيته. فمن خلال   الحقيقة وحدها يصل المرء إلى الهدف ويحقق شروطاً مناسبة من أجل   التربية الجنسية اللاحقة.

ولكن هنا يجب عدم الخلط بين الصدق والوضوح وبين الرزانة   أو بين الصدق والوضوح وبين التفسيرات البيولوجية الأحادية الجانب.

5) مبدأ الاستمرارية والتكرار:

 لا يكفي القيام بحملات توعية في أوقات متباعدة بل لابد من القيام بذلك باستمرار وأن تكون الحملات   مترابطة مع بعضها من حيث المحتوى   ، أما التكرار فهو ضروري   ، ذلك أن الطفل   غالباً ما ينسى جزئياً محتوى   التعاليم الباكرة. والتعاليم الصحيحة قد تتداخل مع تعاليم خاطئة إذا ما لم يعتمد على مبدأ التكرار.

6) مبدأ الموضوعية والتطبيع:

ينبغي للتأثير   التربوي الجنسي أن يتم   في إطار الأشكال المألوفة في الدرس وألا تخصص جلسات وأشكال خاصة من التنظيم الدرسي. فاختيار الأشكال الخاصة من التأثير كاف وحده ليمنح الموضوع جاذبية   غير مرغوبة. ومن خلال   استخدام   الطريقة المألوفة   في تنظيم الدرس العام والتأثير على الصف ككل يتم تحقيق   الموضوعية لمحيط الموضوع ككل.   وبذلك يتم تجنب الاعتراضات والإرهاقات   والتثبيتات . وينبغي أن يوضح المحتوى وطريقة العرض   بأن   الأمر يتعلق في موضوع الجنسية   بمظهر طبيعي من مظاهر   الحياة الإنسانية.

7) مبدأ   الترسيخ الجماعي والصياغة الجماعية

يجب تحقيق هذا المبدأ بطرق متنوعة. فمن جهة ينبغي لكل تأثير اجتماعي أن يوضح التشابك الاجتماعي وأن يبرز القواعد والمعايير الاجتماعية   على أنها قواعد ومعايير ملزمة للجميع، ومن ناحية أخرى   يجب على اليافع إدراك أن المجموعة التي ينتمي إليها هي جزء من المجتمع. ويعتبر هذا الإدراك جوهرياً   في مرحلة المراهقة   بالتحديد ذلك أن الناشئ يكون متعلقاً بمعايير المجموعة   التي ينتمي إليها وخصوصاً عند وجود   قيم ومعايير تختلف عن قيم ومعايير مجموعته. وسعي اليافع إلى الحصول على الاعتبار ضمن مجموعته   يعمل على كف النقد الذاتي   لسلوكه الخاص.   ويحقق الدرس المشترك حول المشكلات الجنسية ضمن مجموعة الصف دفعاً إيجابياً إضافياً ويسهل الاستقبال الموضوعي   حيث يتم من خلال ذلك منع أو إعاقة شعور الفرد بأنه معني مباشرة.   ويعتبر الحديث ضمن المجموعة بالنسبة لكثير من التلاميذ خبرة مهمة.

7) مبدأ إيقاظ المسؤولية الذاتية:

لابد من جعل الشباب مدركين أن مجرى وبناء العلاقات بالجنس الآخر يتعلق بالفرد وحده، إلا أن المسؤولية لا يمكن أن تثمر إلاّ عند ذلك الذي يعرف بصورة وافية كافة الحقائق وأهميتها. كما ويجب إيقاظ المسؤولية تجاه الشريك الآخر في كل علاقة.

8) مبدأ الوحدة بين توفير الحقائق ونقل القيم:

ينبغي لكل   توفير وإيصال للحقائق أن يترافق مع نقل للمعايير والقيم باعتبارها   نقاط توجه للسلوك المستقبلي . ومراعاتها تعطي الشاب الاتجاه نحو ذلك السلوك الذي يشجع نموه الخاص وهنا يتحمل المربون مسؤولية جوهرية.

9) مبدأ التثقيف ( التهذيب ):

ينبغي للشاب إدراك أن تهذيب علاقاته الشخصية يعد من المطالب الأساسية. إن التربية المبكرة   من هذا النوع هي   وحدها التي تستطيع تحصين الشباب والراشدين تجاه المجلات والأفلام وأنماط الحديث والأغاني الفاحشة.

وعلى الرغم من أن صياغة هذه المبادئ قد وضعت في صيغة جمل وجوب إلاّ أنه من السهل اشتقاق مبادئ سلوكية ملموسة وفق طبيعة المعايير الاجتماعية والأهداف التربوية السائدة. كما ويمكن إكمال هذه الأهداف بمجموعات أخرى من الأهداف الأساسية والثانوية سواء.