الاحتراق النفسي

10/08/2013 08:53

متلازمة التعب المزمن "الجهدة"

الاحتراق النفسي - Burnout-Syndrom(1)

أ.د. سامر جميل رضوان

ليس أسوأ الناس هم الذين يصابون بالاحتراق. فالقاعدة تقول من احترق، كان من قبل ملتهباً. أي أن من كان يؤدي مهامه في البداية  مشتعلاً كالنار، فسيحرق نفسه بطريقة غير اقتصادية.  ولم تعد متلازمة التعب المزمن أو متلازمة الاحتراق مجرد متلازمة الإرهاق المعروفة Stress

Syndrome للمهن المساعدة" ولم يعد الأمر جديداً بعد أن أصبح منذ عقدين من الزمان موضوعاً للبحث والدراسة.

 

 

الاحتراق النفسي أو التعب المزمن Burnout-Syndrome   ظاهرة تأخذ بالانتشار المتزايد وتنذر تصبح إرهاقاً اقتصادياً ناهيك عن العواقب البين إنسانية و النفسية العميقة.  إذ أنه من الصعب التعرف و بشكل خاص في المراحل التي يكون فيها من الممكن بعد اتخاذ إجراءات وقائية. وما زالت الإمكانات العلاجية محدودة. والمهم هنا هو التعرف المبكر والفهم والتقبل والتصرف.

والاحتراق ليس مجرد تعب وإرهاق، وإنما مرارة  وتفحم "جهدة". وعلى الرغم من أن كثير من الناس تستخدم هذه الكلمة بمعان مختلفة وفي سياقات مختلفة إلا أنها لا تمثل في التداول اليومي تشخيصاّ مرضياً بعد يحمل سمات وخصائص محددة. ومع ذلك فهو حالة يرثى لها لا تقتصر عواقبها على الحالة النفسية والاجتماعية وإنما على الحالة الاقتصادية أيضاً.  فهو يمثل اليوم خطراً حقيقياً ، ذلك أن الاحتراق، أخطر من الاشتعال الذي يمكن على الأقل ملاحظته و مكافحته. وعلى الرغم من أن الموضوع يلقى الاهتمام العلمي منذ عقود قليلة  فقط إلا أن الموضوع ليس جديداً بحد ذاته، فالعهد القديم يخبرنا عن النبي إلياس و "تعب إلياس"، الذي هو متلازمة احتراق تقليدية بحق بالمعنى الراهن للمتلازمة. وكذلك الأديب المشهور غوته الذي ترك في سنوات عمره المبكرة عن منصبه الوزاري في فايمر و هرب لإيطاليا، لأنه كان مهدداً بجفاف قريحته الشعرية. ولحسن الحظ لم يأخذ عليه رب عمله الهيرتسوغ كارل أوغست فون فايمر رغبته بالاستراحة، بل شجعه على أن يأخذ إجازة طويلة و تنشيط نفسه شعرياً و العودة ثانية بحلة جديدة. لقد كان غوته محظوظاً في حياته في أكثر من مناسبة.

حتى القصص لا تخلو من أمثلة غنية. ولعل أشهرها شخصية  السيناتور توماس بودنبروك في قصة توماس مان التي تحمل العنوان نفسه. أو مصطلح الاحتراق Burnout في رواية غراهام غرين بعنوان ؛حالة احتراق A Burnout Case"

وكذلك في المراجع الألمانية لعلم النفس الاجتماعي و الطب النفسي الاجتماعي كانت هناك مصطلحات مبكرة، تشير إلى صورة مرضية مشابهة. ومن بينها "عصاب المعمل" و "متلازمة المساعد" اللتان تظهران السمات الأساسية "للاحتراق" (وبالمناسبة فقد اشتهر هذا الاضطراب بعد أن أعيد استيراده من الكتابات الناطقة بالإنجليزية. وهناك مصطلحات تخصصية محددة بشكل كاف إلى حد ما لحالة الإنهاك النفسي الفيزيائي، كالإنهاك العصبي المزمن و الإنهاك السوداوي أو الاكتئابي  و استجابة الإنهاك و السيكاستانيا و النيوراستانيا و المفهوم اللاحق المحدد بشكل أكثر واقعية "اكتئاب الإنهاك".

وفي كل هذه الاضطرابات تحصل صورة مرضية متشابهة وذلك من خلال التفاعل بين سمات الشخصية و عوامل المحيط، مع العلم أن الوزن يمكن أن يكون مختلفاً بحق، وذلك حسب الزاوية التي ينظر الواصف من خلالها. وفي كل الحالات تقود الصورة المرضية إلى مأزق جسدي ونفسي اجتماعي وروحي وخيم و بشكل خاص إلى مأزق مهني خطير.

ويحاول العلماء اليوم تحديد متلازمة الاحتراق بشكل أدق. وعليه فقد تحدث المرء عن "المحترقون الحقيقيون"، أي عن أولئك الرجال والنساء الديناميكيين بالأصل و الطامحين، الذين يتحطمون في الظروف السيئة، إلا أنهم هم أنفسهم قد سببوا إرهاقهم بأنفسهم إلى مدى بعيد، والذين لا يستطيعون أن يقولوا لا لأنفسهم ولهذا سموا من المتخصصين "بحارقي أنفسهم". وهناك من ناحية أخرى "المحترقون" غير القادرين كثيراً على توكيد أنفسهم و السلبيون و لا يستطيعون أن يقولوا لا للآخرين فهؤلاء هم ضحايا الظروف الخارجية. وأخيراً يتحدث المرء في هذه الأثناء أيضاً عن "المتيبسين" أو "الصدئين" الذين على الرغم من أنهم يستفيدون من الجانب الإيجابي لأسباب الاحتراق، إلا أنهم في الواقع  "لم يحترقوا"  أبداً، ناهيك عن أنهم لم "يتأججوا". وهؤلاء هم أولئك الذين لا يبنون إلا صورة مخملية عن الذات، ولكنهم يعزون الفشل والإخفاقات إلى الآخرين أو إلى الظروف غير الملائمة.

ما هي المهن المعرضة أكثر من غيرها للاحتراق؟

حسب مستوى المعرفة الراهن فإن المهن المساعدة هي من أكثر المهن المعرضة لذلك، ولكن لا يوجد من حيث المبدأ أي شخص محمي من ذلك على كافة مستويات الهرم المهني بما في ذلك أصحاب المهن الحرة. لهذا ليس من المفاجئ تزايد الاهتمام بهذه الظاهرة في الصناعة والاقتصاد. إذ يلاحظ الإنسان هناك بسرعة كبيرة بأن شيئاً ما ليس على ما يرام، وذلك من خلال الميزانية.

وعليه فإذا كان الحديث في السابق يدور حول "المهن المساعدة"، ولاحقاً حول "الناس، الذين يتعاملون مع الآخرين". فأننا نتحدث اليوم بأن  الجميع معني، ويمتد الطيف المهني من المحامين انتهاء بالأطباء  و المعالجين بالعمل، والصيادلة و المرشدين العاملين في مجال المدمنات و وآباء الأطفال المنغلقين (الأوتزميين) أو آباء الأطفال المعوقين عموماً مدربي الكبار و المربين القياديون بالمعنى الأوسع الآباء في قرى الأطفال، مرشدي اليافعين، المسعفون، العاملون في ميدان رعاية الكبار، رجال الشرطة، العاملون في الخدمة الاجتماعية، المعالجون النفسيون، مدربو الرياضة، العاملون في إعادة التأهيل، أطباء الأسنان، مدراء المصانع، العاملون في مجال الطيران والطلاب...الخ.

إلا أن العدد الأكبر من المراجع ما زال يقتصر في إشاراته على مهن المساعدة والمهن الاجتماعية، حيث تتم الإشارة مراراً إلى المهن التي تعتني بالمرضى كمهن لديها استعداد خاص بالإصابة. ومن هذه المجموعة تعاني الممرضات العاملات في الميدان الطبي النفسي من أكبر نسبة خطر ، وبشكل خاص العاملات في أقسام محددة من الأقسام الطبية النفسية، مقارنة بالعاملات في أقسام نفسية أخرى كعمال الخدمة الاجتماعية و المتخصصون النفسيون والأطباء النفسيون. ففي هذه الأقسام تسيطر بشكل خاص نسبة كبيرة من عدم الرضا حيث أن الأهداف المرتفعة التي يضعها المرء في بداية حياته المهنية تظل من دون تحقيق على الأغلب أو لا يتحقق إلا الجزء اليسير منها. وفي المؤسسات غير الطبية النفسية تبدو الإرهاقات الجسدية أكبر أما في المؤسسات الطبية النفسية بالمقابل فتكون  الإرهاقات النفسية أكبر.

وتعد مدة العمل أحد أهم العوامل الإضافية. إذ كلما طالت المدة ازداد الاحتمال بالاحتراق. وفي هذه الأثناء هناك عامل آخر يقول: أنه على الرغم من وجود مراكز ثقل، ولكن أي مجرى من المجريات ممكن أيضاً. وحتى اليوم تظل نقطة الخطر الكبيرة في طرح توقعات غير واقعية من النجاح المهني.

ولابد من التنبيه إلى البرودة الداخلية في العمل، ذلك أن الإرهاق النفسي والروحي بنتيجة السلوك الفظ للإدارة يعد قنبلة موقوتة تهدد بنسف أساس المؤسسة. فالتصرف القاسي أو الفظ داخل المؤسسة يجعل غالبية من العاملين فيها مصارعين منهكين قبل أن يكونوا قد بدؤوا بعملهم الفعلي بعد.

ماهي الإرهاقات الخارجية التي يمكن أن تقود للاحتراق؟

لايوجد حتى اليوم اتفاق حول منشأ (أسباب المرض) و المجرى المرضي. ولكن عندما نشير إلى عوامل المرض الأكثر تكراراً فإننا نصطدم بالأسباب نفسها:

-الإرهاقات مهنية مرتفعة

-الظروف السيئة للعمل. 

-ضغط الوقت أو الواجبات اليومية الكثيرة ضمن فترة زمنية محددة بشكل ضيق.

- جو العمل السيئ.

-علاقات قليلة الإثمار بالعاملين أو الموظفين.

-العمل الليلي أو النهاري الذي لايتوافق مع المعرفة المتوفرة بالساعة البيولوجية.

-تجهيزات مادية غير كافية في مكان العمل.

-التواصل السيئ بين جميع المساهمين في العمل (الإدارة والموظفين والإدارة فيما بينها والموظفون فيما بينهم...الخ).

-الدعم الضئيل من الإدارة.

-التعقيد المتنامي و عدم الشفافية في مجريات العمل و علاقاته.

-التأثير غير الكافي على تنظيم العمل.

-مشكلات في الهرمية (التسلسل)

-التعسف الإداري.

-ضغط الوقت والمواعيد.

-جو العمل الرسمي المقبض أو المشحون بالمكائد، ناهيك عن التنكيل الهادف Mobbing  بالعاملين أو المرؤوسين (اللؤم والدناءة وأعمال الخسة التي يقوم بها بعض العاملين أو الموظفين تجاه بعضهم).

-التغيرات التنظيمية المستمرة دون أن يشارك المعنيون بالتخطيط و اتخاذ القرار، وتحميلهم المسؤولية عند الفشل.

-المطالب المتجددة باستمرار وبشكل خاص المتنامية بسرعة.

-القلق المتنامي من فقدان العمل.

ما الذي يمكن فعله؟

يعد التحليل الجذري للموقف منطلق كل وقاية و تدخل نفسي. ومن المثير للدهشة المدى الذي يجر فيه الناس أنفسهم محترقين، من دون أن يمتلكوا تصوراً واقعياً عن الأسباب الأساسية أو يفكروا بها.

وعلى الإنسان هنا أن يتدخل للمساعدة. ويعني هذا باختصار:

  • ما هي الشروط المحيطية المرهقة؟

  • ما هي الحاجات الشخصية والأهداف المهنية التي يتم إهمالها؟

  • ما هي الكفاءات التي تظل دون مستوى التنمية؟

  • ما هي التصورات غير الواقعية؟

  • ما هي أنماط المعتقدات و الأفكار المختلة وظيفياً؟

  • ما هي المعلومات الناقصة؟

  • أين يمكن تغيير شيء ما من خلال نسبة  الأرباح إلى التكاليف؟ وبشكل خاص أين يمكن ربح جزء من الاستقلالية، أي الحرية الذاتية للفرد؟

الوقاية –العلاج-إعادة التأهيل

ما الذي يمكن للإنسان عمله أو ما الذي يمكنه أن يفعله كي يقي نفسه من أن يقع في بؤرة الاحتراق؟

توجد مجموعة من التوصيات العلاجية المثيرة للانطباع، البسيطة جداً أو الملائمة للواقع. إلا أنها بسبب من بساطتها قد لاتثير الانتباه ومع ذلك فهي في الواقع تعد السر "للذين يحترقون" و مازالوا لم "يتفحموا بعد" .

وهذه بعض الأفكار المفيدة:

  • إدراك أن "الاحتراق" يمكن أن يصيب أي إنسان. لهذا لابد من الاستهلاك المنظم للطاقة والقوى وعدم بذلها كلها دفعة واحدة، والحفاظ عليها على المدى البعيد. فالالتزام المفرط الكبير في البداية يحمل دائماً في طياته خطر الإنهاك ("لا يمكن أن يحترق إلا الذي اشتعل قبل ذلك"). وبالطبع فإن الإنهاك يتعلق بالاحتياطي الفردي من الطاقة و ظروف العمل المطابقة. إلا أن لا هذه ولا تلك يمكن تقديرها بشكل واقعي و واضح في غالب الأحيان، وبشكل خاص في بداية الحياة المهنية.

  • توضيح فيما إذا كانت المهنة الراهنة كانت "حلم المستقبل"، أم فيما إذا كان الإنسان لم يطمح أبداً لهذه المهنة. وعلى الرغم من أن توضيح هذا الأمر يحمل في طياته احتمال بزوغ معرفة معلومة إلا أن ذلك يعني في الوقت نفسه التوقف عن الاستمرار في التوهم.

  • محاولة تعديل تقدير الذات بشكل تخفيفي، أي التوقف المطالب المفرطة في الحجم من الذات ("لايحك جسمك إلا ظفرك"، من لايحظر على ولادة بقرته تنجب له تيساً") (من لا يستطيع ما يريد عليه أن يريد ما يستطيع –ليوناردو دافنتشي-)

  • على الرغم من أن التنبيه لإدارة حياة صحية قد أصبحت تذكير لم يعد أحد يتمسك به إلا أنه علينا أن نذكر مرة أخرى:

    • النوم الكافي (فالكثير من الناس يعانون من نقص متزايد في النوم، ذلك أنهم يتأخرون في الذهاب للنوم على الرغم من أن عليهم الاستيقاظ والذهاب لعملهم في وقت مبكر من الصباح.

    • النشاط الجسمي الكافي، وذلك ليس على فترات متقطعة وإنما بانتظام. ومن بين ذلك يمكن ذكر المشي اليومي في الصباح الباكر أو في وقت ما قبل غروب الشمس بقليل، وبشكل خاص في فصل الشتاء للوقاية من اكتئاب الشتاء في المناطق التي يصبح فيها النهار قصيراً جداً في الشتاء. وكذلك استخدام الدراجة و السباحة والتمارين الرياضية و العمل في الحديقة، الذي يعطي تأثيرات انفعالية إيجابية بشكل خاص) وأي نشاط جسدي مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المبالغة المضرة للصحة.

    • السلوك الغذائي الصحي: تناول الكثير من الفاكهة و الخضار و الحبوب الكاملة وإتباع أي قاعدة غذائية صحية. 

    • تجنب المواد المضرة كالتدخين والكحول و وعدم الإفراط في تناول الكافئين (القهوة والشاي)، وعدم تناول أية مواد ذات تأثير نفسي، كالمنشطات و الأدوية المانعة للشهية، والمدمنات الخطيرة كالمهلوسات أو المكيفات.

      • تعلم تقنيات الاسترخاء كالاسترخاء الذاتي و اليوغا و الاسترخاء العضلي التصاعدي ناهيك عن الصلاة وذلك قبل أن يحتاج إليها الإنسان بالفعل، واستخدامها بشكل منتظم.

      • الحفاظ على الهوايات و النشاطات الأخرى خارج المهنة. إذ أنه عندما تتحول الهواية إلى مهنة كما يدعي مدمنو العمل workaholics، ويتحول كلاهما فجأة إلى مشكلة فما الذي سيبقى للإنسان بع ذلك؟

      • الحفاظ على أواصر الصداقة والتواصل: وعلاقات الجيرة و صلة الرحم. فالعلاقات الإنسانية تحمي الإنسان من "الاحتراق". وكذلك الانتساب للنوادي و الجمعيات. فالتواصل والمزاح والنكات و المرح مع الأصدقاء أو غيرهم يفيد في التوازن النفسي وتحقيق الصحة النفسية. كما أنه على  المدراء أن ينظروا  "للثرثرة في الممر" بين الموظفين نظرة إيجابية طالما لا تقود إلى انخفاض في إنجاز وكفاءة الموظفين.

      • التنظيم المعقول للعمل: خطط يومية وأسبوعية مع التقسيم الدقيق لمراحل العمل و الفراغ، واحترامها. وعدم السماح بأن يرهق الإنسان نفسه، وتحذير المبتدئين بالعمل من المبالغة. وإذا كان ممكناً التبديل المستمر لطبيعة المهام أو استخدام العمل المختلط.

نصائح للمدراء و أرباب العمل

هناك مبدأ نفسي أساسي لا يحتاج إلى نقاش: التعامل المسؤول مع العاملين يقود إلى نجاح المؤسسة. إلا أن الواقع يختلف عن هذا:  فجو العمل أكثر قسوة. فالتكاليف المتزايدة و ظروف المنافسة الصعبة تنهك المؤسسات باطراد. وعندئذ يبحث الكثير عن الحلول في الاستراتيجيات التي غالباً ما يتم تبديلها. إلا أن الإنسان ينسى هنا التعامل المرن مع العاملين. وبشكل خاص المؤسسات المجبرة على تقليص النفقات "التقشف" تتطلب دائماً إجراءات صارمة. إلا أن عواقب هذا "العصر الجليدي المسيطر على المؤسسة" تكون وخيمة. فعندما يتم نسيان الراحة النفسية من خلال المطالب فعاجلاً أم آجلاً ستختل الميزانية.

وكما أظهرته الرياضة منذ أمد يسري أيضاً على الاقتصاد و بالطبع على كل مؤسسة: النصر لا يتم إلا في المباراة". فالنجاحات هي النتيجة التي أصبحت ملموسة للاتجاه الداخلي.  وفي أي مكان يسود فيه التحريك الآلي للناس والوسائل وتتحول الراحة الداخلية إلى أمر جانبي فإن النتيجة النهائية لا تعني النجاح وإنما الأزمة.

وفي النهاية نشير إلى القصة المعروفة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تدفعنا للتأمل: في إحدى الدراسات لم يكن الباحثون يريدون معرفة سوى أول خمس شركات حققت أكثر الأرباح خلال سنة من السنوات من خلال الأسهم. ولكن عندما تمت دراسة السمات المشتركة بين هذه الشركات الرابحة ظهر ما يلي: لم يكن المشترك بينها أنها من الشركات المسيطرة على السوق ولم تمتلك أية تقنية. ولم تكن هذه الشركات من منتجات أي من المنتجات المشهورة (الماركات) و لم تكن تتعامل مع الأسواق الواعدة أو لم تكن تعتمد على التوريد الذي كانت المؤسسات مرتبطة به بشكل وثيق. عامل النجاح المشترك الوحيد بينها كان أن هذه الشركات قد اعتمدت على الحفاظ على  التعامل الإنساني مع العاملين.

 

 

 

 

 

للخلف