احترام النفس سر الصحة النفسية

10/08/2013 09:57

احترام النفس سر الصحة النفسية

احترام النفس أو احترام الذات شيء يتمناه كل إنسان لنفسه، إذ أن احترامنا لأنفسنا يرفع من فرصنا في العيش عيشة هنيئة ويساعدنا على السيطرة على الخيبات والتغيرات الحاصلة في حياتنا. وتعد درجة احترامنا لأنفسنا محكاً مهماً من محكات الصحة النفسية ويؤثر على تفكيرنا وتصرفاتنا وأحاسيسنا. واحترامنا لأنفسنا يصبغ نظرتنا للحياة ويحدد أي مكانة الإنسان في هذا العالم. وهو يؤثر على آراء الناس عنا وعلى سلوكهم تجاهنا. وهو محك أساسي أيضاًَ لخياراتنا فيما يتعلق بما نفعله في حيتنا ومع من نقيم علاقات. كما يمارس تأثيراً كبيراً على قدراتنا على التصرف المناسب في التغيرات اللازمة.

فما الذي نفهمه تحت مفهوم احترام النفس؟

في اللغة التخصصية والحياة اليومية تستخدم مفاهيم من نحو مشاعر القيمة الذاتية أو حب النفس –ليس الأنانية، إلا أنه غالباً ما يتم الخلط بين احترام النفس و فهم النفس. وفي الواقع فإن هذه المفاهيم تختلف عن بعضها ولايمكن استخدام أحدها عوضاً عن الآخر كيفما اتفق. ففهم النفس أو صورة النفس تتشكل من عدد كبير من القناعات والصور التي نحملها في ذاتنا ونعدها تنطبق على شخصنا. وعلى العكس فأن درجة احترامنا لأنفسنا أو تقديرنا لأنفسنا أو حبنا لأنفسنا هو المعيار الذي يشير إلى أي مدى نحب أنفسنا (أو نتقبل أنفسنا) على أساس فهمنا لأنفسنا.  أو بكلمات أخرى احترام النفس هو السمعة الطيبة التي تمتلكها أنت عن نفسك.

وتنوع الصور والقناعات الهائل التي يتكون منها فهم النفس يتضمن طروحات بسيطة من السهل برهانها: من نحو أنا سيدة، أنا رجل، أنا كبير، أنا أم، أنا طالب، أنا فقير، أنا غني، أنا موظف...الخ. وهناك قناعات وصور للذات تقوم على مظاهر من الصعب لمسها بشكل مباشر ومن ثم برهانها من نحو أنا غير قادر، أنا فاشل، أنا جذاب، أنا محبوب، أنا بشع، أنا غير صالح، أنا من غير قيمة...الخ.

والجزء الأكبر من هذه الاتجاهات الأساسية نحو أنفسنا نحصل عليها من طفولتنا من مصدرين أساسيين: من سلوك الآخرين تجاهنا ومن أحاديثهم عنا.  ففي الطفولة المبكرة يلعب التواصل غير اللفظي دوراً حاسماً. ومع نمو القدرات اللغوية نتعلم صياغة الانطباعات التي جمعناها كأطفال صغار بمساعدة فهمنا في كلمات بسيطة. وفي مجرى الوقت فإننا نرى أنفسنا بصورة أساسية كما يرانا الآخرون.

صورتنا عن الواقع تميز فهمنا لأنفسنا أو الذات المدركة، "حالة الذات الكائنة" في حين أن تصوراتنا حول من نرغب أن نكون أو كيف نرغب أن نكون تصبغ صورتنا المثالية عن أنفسنا. ومن ثم فنحن نقوم باستمرار بمقارنة ذاتنا المدركة مع ذاتنا المثالية وكلما كانت الصورة الواقعية بعيدة جداً عن الصورة المثالية كان احترامنا لأنفسنا أقل.

ولا أي تصور من التصورات المثالية التي نحكم فيها على أنفسنا يولد معنا. لقد تعلمناه، علمونا كيف علينا أن نكون.  وتختلف المثل العليا والمعايير التي تكمن خلف أحكامنا من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى، بل حتى في المجتمع نفسه وبين الفرد والآخر.

وواحدة تلو الأخرى تصب الصور والقناعات في فهمنا لأنفسنا وتتزايد وتسهم أيضاً في احترامنا لأنفسنا. إلا أن فهم النفس لا يتكون ببساطة من مجموع الصور والقناعات التي نحملها. فأهم الصور والقناعات المهمة بالنسبة لهويتنا من نحو أنا رجل، أنا كبير، أنا جميل، أنا ناجح...الخ على سبيل المثال  تشكل جوهر فهمنا لأنفسنا. أما الصور والقناعات الأقل أهمية بالنسبة لهويتنا من نحو "أنا طباخة ماهرة"، "أنا أعسر اليد"، "أنا غير رياضي"...الخ على سبيل المثال ، يتم ترحيلها إلى خارج جوهر الذات.

فلدينا الإمكانية إذا لبناء فهمنا لأنفسنا بقناعات تكون في غالبيتها إيجابية. ولكن حتى عندما يكون فهمنا لأنفسنا مملوء بالقناعات الإيجابية في غالبيتها، فإن هذا لا يعني أننا تمتلك احتراماً لأنفسنا.  إذ يمكن للإنسان أن يعاني من نقص في احترامه لنفسه مع وجود قناعات إيجابية حولها. فبغض النظر عن كمية الصور والقناعات الإيجابية التي يمتلكها الإنسان حول نفسه، فإذا ما كان مكانها على محيط فهمه لنفسه فإنه لن يدرك أهميتها والنتيجة سيكون احترامه لنفسه قليلاً.

ومن حيث المبدأ نميز بين نوعين من احترام الذات: احترام الذات العام والخاص. فاحترام النفس العام ينجم عن إلى أي مدى نحب ذاتنا المدركة ونتقبلها عموماً ونقدرها. أما احترام النفس الخاص فإنه يتوجه نحو إلى أي مدى نحب أجزاء محددة من أنفسنا ونقدرها. فإذا ما ألقى إنسان ما قيمة كبير على مظهر من المظاهر، من نحو على الذكاء أو الجاذبية أو المظهر الخارجي، فإن احترامه العام لنفسه سوف يتأثر في هذه النقطة باحترامه الخاص لنفسه. فإذا ما نظر لمظهر ما على أنه غير مهم أو أقل أهمية من نحو "فن الطهي" على سبيل المثال  فإن هذا قلما سيؤثر على احترامه العام لنفسه.  

وكثير من الأشخاص يخلطون بين الاحترام العام والخاص للنفس. فهم ينظرون لامرأة ناجحة مهنياً فيفترضون بشكل آلي أن هذه السيدة راضية عن نفسها. إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا هو الحال العالم فمن الممكن فمن الممكن لها أن تمتلك احتراماً خاصاً لنفسها يقوم على أساس معرفتها بأنها مديرة جدية ومجتهدة. إلا أنها في القوت نفسه ربما تقدر عملها على أنه أقل أهمية من الحصول على زوج، وبما أنها تشعر أنها قد تخطت سناً معيناً، فيمكن لاحترامها العام لنفسها أن يكون منخفضاً

وعلى الرغم كذلك من أن الثقة السليمة بالنفس ترتبط في الغالب مع الاحترام العام للنفس إلا أنه توجد أيضاً المتغيرة الأخرى.

ففهمنا لأنفسنا يتطور عبر حياتنا ككل، ومن ثم تتغير أيضاً درجة احترامنا لأنفسنا في مجرى الزمن. فنحن نمتلك أساساً متينا من احترام النفس إذا ما حصلنا في طفولتنا على اليقين بأهميتنا وكفاءتنا، بصلتنا المتوازنة مع الآخرين في علاقة متوازنة من الانفصال عن الآخرين، وعلى الإحساس بالواقع فيما يتعلق بأنفسنا نحن ومحيطنا ومجموعة من المبادئ الأساسية والقيم الأخلاقية والدينية.

 

الأهمية

يمنح الراشدون الطفل "حقه في الوجود" قبل فترة طويلة من نطقه لأول كلمة في حياته. فالعطف والحنان والتلامس المنطلق من الراشدين، وكيفية مسك الطفل وحمله وإرضاعه تمنحه نقاط توجه لأهميته. فالطفل يشعر فيما إذا كان يمنح عندما يحمله أحدهم أو يشعر بالقلق والتوتر أو الضيق. ومن دون الدفء الناشئ عن الاهتمام الجسدي والإرضاع يعيش الطفل خوفاً كبيراً. وقبل أن يتعلم صياغة إدراكاته بأفمار وأساليب لغوية يتسائل بطريقته الطفولية الخاصة، وبصورة مبهمة في الوقت نفسه، ولكن بطريقة ملموسة فيما إذا كان هو على قدر التوقعات أو كيف عليه أن يتصرف من أجل أن يحقق التوقعات المنتظرة منه.

وبشكل عام فإنه يفترض بأن المولود لايستطيع التمييز بدقة بين الذات والناس الآخرين والمحيط.  فالمولود لا يدرك الحدود ويعيش أمه والأشخاص الأساسيين في محيطه على أنهم توسيع لذاته وليس مخلوقات أو أشياء منفصلة. وبالنتيجة يكون المواليد الجدد متمركزين حول الذات egocentric أو فرديين (ليس المقصود هنا الأنانية وإنما النظر لحاجاتهم الخاصة على أنها هي نفسها حاجات الآخرين، أو الاعتقاد بأن الآخرين يرون الأمور كما يرونها هم من منظورهم الخاص)، إذا أنه ليس من الواضح لهم بعد أن حاجاتهم الخاصة هي حاجاتهم هم لوحدهم، وأن الآخر (الأم على سبيل المثال  التي يدرك الرضيع أن ثديها هو جزء منه هو)، لها حاجاتها الخاصة، التي لا تتفق مع حاجاته.  وأخيراً يدرك الرضيع هذه الحقيقة المقلقة بأنه مخلوق مستقل وأن العالم والآخرين موجودين بشكل منفصل عنه هو. وهذه الخبرة يمكن أن تسبب القلق والهلع لدى الطفل. وهذا أمر بديهي إذ أنه عليه أن يستبدل الإدراك غير الدقيق حول نفسه، والمتمثل في قدرته الجبارة، ليحل محله الإدراك الدقيق عن ذاته هو. فيشعر فجأة بأنه لاحول له ولا قوة متعلق بالآخرين كلية، وبشكل خاص بالأم في  العادة، إذا ما أراد إشباع حاجاته الجسدية والنفسية. وفي حال لم يتم إشباع هذه الحاجات تنشأ المشاعر الأولى والأساسية عند الطفل بالخوف وعدم الأهمية وعدم القيمة، بل وحتى ربما بالرعب الذي لاحدود له.

ويكون الطفل متأكداً من أهميته بصورة كبيرة عندما يعتقد بأنه محبوب من دون شروط. فهو يتعلم من خلال التجريب ويتصرف أحياناً بالضرورة بحيث يستقبح والداه أفعاله. ويؤذي مشاعر الوالدين، ويرتكب حماقات أو يكون وقحاً. فإذا ما أحب الوالدان طفليهما بلا شروط، فلن يلحق السلوك المؤذي بحبهم.

فإذا ما ارتبط حب الوالدين بالشروط  فإنه يتعلم بأنه إذا ما تصرف بشكل جيد فهو إنسان مؤدب وعندما يتصرف بصورة سيئة فهو إنسان سيئ أو غير مؤدب. فيتعلم أن قيمته مرتبطة بأحكام الآخرين حوله، وأن هذه الأحكام يمكن تغييرها بشكل متطرف كاستجابة لسلوك آخر. وبهذا فإن قيمته ستكون خاضعة لتأرجحات شديدة.

والناس الذين استطاعوا الاستمتاع في طفولتهم بالحب غير المشروط هم أشخاص أكثر ثقة بأنفسهم. وعلى الرغم من أن الانتقادات والأخطاء تمثل بالنسبة لهم مناسبة للتأمل وربما لتغيير شيء ما، إلا أنهم يشعرون إلا أنهم لا يشعرون لهذا السبب بأنه لا قيمة ولا أهمية لهم.

 

الكفاءة

الكفاءة لاتعني من حيث المبدأ غير كون الإنسان مقتنعا بأنه قادر على تغيير أمر ما، وأنه قادر على التأثير على محيطه. إلا أن اكتساب الكفاءة ليس مهمة سهلة وخصوصاً إذا ولد الإنسان أنثى أو بيئة اجتماعية لا تتيح للإنسان إلا القليل من الفرص الممكنة أو لايتحقق فيه مبدأ تكافؤ الفرص أو في ظل ظروف بيئية مجحفة أو عندما يعيش الإنسان في ظل نظام سياسي قمعي واستبدادي أو عندما تجتمع كلها معاً كما هو الحال في كثير من بلدان العالم الفاشلة.

ويتعلم الأطفال واليافعين  أنهم يمتلكون الكفاءة عندما يفوقون التوقعات المحدودة أو الضئيلة للوالدبن. فإذا ما اعتقد الوالدان على سبيل المثال  أن طفليهما لا يستطيع بعد قيادة الدراجة من دون العجلات المساندة وتمكن من إقناعهم من العكس فإن الوالدان سيزيلان العجلات المساندة ويتركانه ينطلق لوحد، بداية بصورة متأرحجة، ولكنه ينجح. وعندئذ لا يفوق الطفل توقعات والديه الموضوعة فحسب وإنما يعيش نفسه كإنسان كفؤ. وفي الغالب يساعد الراشدون الأطفال في تنمية كفاءتهم إذا ما آمنوا بإمكاناتهم قبل أن يظهروها أو  يبرهنوها. ففي الطفولة لايضع الوالدان الحدود فحسب التي يمكننا اختبار أنفسنا عندها، وإنما يساعدوننا أيضاً على تفسير الخبرات الناجمة عن ذلك. وتعد على سبيل المثال  الرسالة المتمثلة في "لايهم إن خسرت أو ربحت المهم أن تجرب" مهمة جداً لنمو كفاءتنا الذاتية.

إلا أنه وللأسف يتم سحب الكفاءة لدى كثير من الأطفال منذ الطفولة وتنمية مشاعر العجز لأنه قد تمت المبالغة في تقويم نتيجة جهود الطفل واليافع بصورة أكبر بكثير من عملية التعلم، التي يمكنه أن يخبر في مجراها قدراته الحقيقية.

 

الارتباط والانفصال في علاقة متوازنة

مربع نص: المدرسة التي تسود فيها علاقات السيطرة الاستبدادية وعدم الاحترام والعنف الجسدي واللفظي بين الطلاب والمعلمين وبين الطلاب أنفسهم لا تسهم كثيراً في بناء مشاعر قيمة إيجابية واحترام للنفس عند الطلاب.  من أجل بناء أساس صلب لاحترام النفس لابد للطفل أن ينمي الشعور بالارتباط بالآخرين في علاقة متزنة بالانفصال عنهم. فمن أجل النسبة احترام النفس فإن الشعور بالارتباط بالأفراد الآخرين والجماعات الأكبر (العائلة أو العشيرة أو القبيلة) مهم بشكل كبير. ولكن في الوقت نفسه لا يجوز لشعورنا بذاتنا أن يكون منصهراً في هوية الآخر بشكل كامل، فلا بد أن نميز بوضوح إلى أي مدى نحن مختلفون، إلى أي مدى نختلف نحن عن الآخرين.

كما أنه من المهم بالنسبة لاحترامنا لأنفسنا معرفة من نحن بغض النظر عن الناس الآخرين. ولكن هذه المعرفة التي تمكن الإنسان بداية من اكتساب تفهم كاف لتفرده الخاص ليس سهلاً، وبشكل خاص بالنسبة للطفل الأنثى. فالإناث غالبن ما يحرمن من إمكانية معرفة النفس، بل ويتم منع الدعم لمجرد الرغبة في فهم نفسها ومعرفتها. وفي المراهقة بشكل خاص على الأنثى أن تدفع ثمناً غالياً من أجل نمو هوية فردية قوية وفي سبيل مشاعر واضحة من القيمة الذاتية.

 

الواقعية

من أجل التمكن من تحقيق أساس متين من احترام الذات على الطفل أن يتعلم بالتدريج إدراك نفسه ومحيطه بصورة واقعية (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) (الإسراء:37)

. ففيما إذا كان قد تم تعليم إنسان ما على أنه النظر لنفسه بشكل غير واقعي ومبالغ فيه (وكأنه عظيم زمانه) أم  بشكل غير واقعي وسلبي  ن يتعلم إدرابالتدريج إدرامواقع

(وكأنه أغبى إنسان في العالم)، فإنه من دون القدرة على التقدير الواقعي لذاته لن يتمكن في أي حال من الأحوال من اكتساب احترامه لنفسه. بالإضافة إلى ذلك على الطفل أن يتعلم اكتساب العقيدة بشكل واقعي وصحيح من دون مبالغة أو تطرف.

ويتضمن الإحساس الواقعي أيضاً الإدراك بأنه لا يوجد كمال بشري؛ "فكل ابن آدم خطاء" وفي كثير من الأسر يصعب التعرف على الصفات السلبية والإيجابية. فربما يمتلك الطفل على سبيل المثال  صعوبات تعلم إلا أن الوالدان يصران على أن ابنهما على خير ما يرام. في حين يتم جرح وإيذاء أطفال آخرين من خلال عدم اهتمام الوالدان بالنجاحات والصفات الإيجابية. والكثير من الناس يتعلموا منذ الطفولة أن الأخطاء ونقاط الضعف هي أكثر ما تحتسب.

والكثير من اليافعين لايحصلون إلا على القليل من المعلومات الملموسة حول مجتمعهم، ليتمكنوا من بناء إحساس سليم بالواقع فيما يتعلق بالإمكانات القائمة، من نحو على سبيل المثال  كيف يمكن للإنسان أن يترقى مهنياً أو كيف يعمل النظام القضائي أو السياسي أو الطبي أو الإداري.

المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية

الأساس الجوهري الخامس لاحترام النفس هي المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية المرتبطة ببعضها. فالمبادئ الدينية والأخلاقية تقدم للطفل الإرشاد اللازم لسلوكه فيما يتعلق بالمواقف والمشكلات المربكة الطارئة. فإذا ما اتبع الطفل القواعد الدينية والأخلاقية فإنه سيكون قادراً على اتخاذ القرار السليم حول الكيفية التي عليه أن يتصرف بها من دون أدنى شك. فالمبادئ الدينية والأخلاقية ترشد الطفل في المواقف التي لا يستطيع فيها أي من الوالدين تقديم المساعدة. كما أن المبادئ الدينية والأخلاقية تجعل الأطفال متآلفين مع القناعات والرؤى التي تعبر عن المثل العليا. فإذا ما تم تدريب الطفل على أن يفهمها بالشكل المتناسب مع عمره فإنه سيتمكن من الشعور بأنه بخير بسبب كفاءة البقاء مخلصاً لقناعاته الخاصة لوحدها.  

وعملياً فإن كل الأطفال يعانون من مشكلات بدرجة ما مع واحد أو أكثر من أسس احترام النفس. إلا أنهم يستطيعون في سن الرشد تجاوز هذه المشكلات. فإذا  كنا على سبيل المثال  غير متأكدين من أهميتنا فإنه يمكننا البحث عن التأكيد لدى أقرب شخص لنا؛ وسوف نتعلم تقدير مدى أهميتنا وما هي مكانتنا في حياة الآخر. وإذا كانت تنقصنا الكفاءة فإنه يمكننا تنمية قدراتنا في مجالات نختارها نحن وأن نفخر بكل محاولة فيما يتعلق بذلك. وإذا ما كنا نفتقد للإحساس المشترك والارتباط  فإنه يمكننا نلجأ للآخرين، وإذا كان ينقصنا الفردية و الاستقلالية فإنه يمكننا البحث عن طرق من أجل أن نعرف أكثر حول أنفسنا. فإذا ما كنا مربكين ومشتتين و فاقدين للإحساس بالواقع أو إذا كان واقعنا قاس بصورة لا ترحم  فإنه يمكننا اللجوء للناس من حولنا وأن نبحث عن تعزيز  لقدرتنا على الإدراك وقيمتنا الطبيعية. وإذا كنا نفتقد للقيم أو للمبادئ الأخلاقية والدينية فعلينا الاختيار ما هو المهم بالنسبة لنا.  بغض النظر عن القيم المتعلمة منذ الطفولة والمغروسة فينا من المجتمع منذ آلاف السنين.

 

للخلف