متلازمة البطل

10/08/2013 10:33

في الأفلام، خاصة القديمة، يقوم البطل بإنقاذ فتاة جميلة من خطر ما، أو من وضع ما، وفي الأفلام العربية على الأغلب، فتاة دفعتها ظروفها للانزلاق في طريق الجنوح فتقع في حبه لأنه منقذها. ومن منا لم تداعب خيالاته قصص الإنقاذ تلك أو تلك التخيلات لأعمال البطولة، ليتحول بعدها المراهق فيما بعد إلى فاطر قلوب العذارى (في الخيال).

في العلاج النفسي يرى المتعالج في بعض الأحيان المعالج بعيون المنقذ، فيتحول المعالج إلى ما يشبه البطل بالنسبة له ويشعر تجاهه بالامتنان، فيميل إلى التعلق به (المنقذ المنتظر) فيرغب (لاشعورياً على الأغلب) بمكافئته عن طريق رد الجميل بالحب. وفي أحيان أخرى يحصل العكس، قد تلح على المعالج  نزعة شديدة في أن يساعد المتعالج بأي شكل من الأشكال ويخرجه من أزمته، ويشعر بالخيبة والفشل إن لم يستطع ذلك بل قد يصل الأمر إلى الخروج عن الخط المهني للمساعدة بأي ثمن. ولكن ماذا إذا كانت هذه النزعة قوية إلى درجة أن الشخص المعني قد يصطنع موقفاً ما بشكل مقصود كي يقوم بدور المنقذ؟ إذا كنت كذلك فأنت تعاني من متلازمة البطل.

و متلازمة البطل ظاهرة موجودة  لدى الناس الذين يسعون إلى البطولة أو الاعتراف، حيث يحصل هذا في العادة عن طريق تسبيبهم  لحالة أو موقف  صعب يستطيعون  حله، وقد تشمل كذلك القيام بأفعال غير قانونية كإشعال الحرائق. وقد تمت ملاحظة هذه الظاهرة لدى رجال الإطفاء والممرضات وضباط الشرطة وحراس الأمن. وهي عبارة عن أفعال ترتبط بنوايا طيبة ولا علاقة لها بالأفعال الجنائية التي تتم بدافع الانتقام  أو بهدف تحقيق مستوى مرتفع من الإثارة كما هو لدى مستلقي الجبال أو الذين يقفزون بالمظلات، بل هي ظاهرة ترتبط على ما يبدو بخبرات ماضية من البطولة الفاشلة، أي بنزعة عامة نحو تحقيق الذات.

 والأشخاص الذين لديهم عقدة البطل لا يحدثون  دائماً مواقف كي يتم وصفهم بصبغة البطل،  بل أن العديد من متلازمات البطل تكون سلبية،  تتجلى من خلال  نزوع الأشخاص نحو حماية كل ما حولهم من الأذى ويشعرون بدافع عارم نحو إنقاذ الآخرين.  ودافع الحماية هذا  قد يكون أقوى لدى بعض الناس من بعضهم الآخر. وقد تختلط أو تتشابك مع المشاعر الرومانسية. ولدى الأشخاص الذين تكون لديهم متلازمة البطل يكون هذا الدافع منحرفاً بطريقة خطيرة، يمارسها هؤلاء الأشخاص لأنهم بحاجة للاعتراف من خلال ذلك. فإن لم يحصل الموقف من تلقاء نفسه فقد يميل هؤلاء لاصطناع الموقف بشكل مقصود، ليقوموا من خلاله بإنقاذ الآخر.

ليس كل الأشخاص الذين لديهم متلازمة البطل خطيرين و متلازمة البطل ليست دائماً حالة تهدف للحصول على الاعتراف الخارجي بعملية إنقاذ، بل هي نزعة للحصول على الاعتراف الداخلي من خلال إنقاذ شخص ما، إنها تشبه إلى حد كبير تلك الرغبة التي تعترينا بحك الخدش البسيط في جسمنا.

 

للخلف